للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قوله: "والقعقاع" بالجرّ عطفًا على "سعيد"، فمحمد بن عجلان يروي عنهما جميعًا، وكلاهما يرويان عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) أي تقدّمها في الأجر والثواب (قَالُوا: وَكَيْفَ؟) أي قال الصحابة الحاضرون مجلس رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حينما حَدَّث بهذا الحديث: وكيف يسبق درهم واحد مع قلّته مائةَ ألف درهم مع كثرتها؟ (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - مبيّنًا وجه أسبقية الدرهم الواحد على هذه الدراهم الكثيرة (كَانَ لِرَجُلِ دِرْهَمَانِ، تَصَدَّقَ بأَحَدِهِمَا) أي وأبقى الآخر لأهله، حتى لا يقِع في إضاعة نفسه، وإضاعة من تجب عليه نفَقته، أو لئلّا يقع في ذل مسألة الناس (وَانْطَلقَ) أي ذهب (رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ) بضمّ العين المهملة، وسكون الراء: أي جانبه، وفيه إشارة إلى كثرة ماله، بحيث إن الذي تصدّق به من المبلغ المذكور لم يكن إلا جانبًا من جوانبه (فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: ظاهر الحديث أن الأجر على قدر حال المعطي، لا على قدر المال الْمُعْطَى، فصاحب الدرهمين حيث أعطَى نصف ماله، في حال لا يُعطِي فيها إلا الأقوياء، يكون أجره على قدر همّته، بخلاف الغنيّ، فإنه ما أعطى نصف ماله، ولا في حال لا يُعطَى فيها عادةً.

ويحتمل أن يقال: لعلّ الكلام فيما إذا صار إعطاء الفقيرِ الدرهمَ سببًا لإعطاء الغنيّ تلك الدراهم، وحينئذ يزيد أجر الفقير، فإن له مثل أجر الغنيّ، وأجر زيادة درهم. لكن لفظ الحديث لا يدلّ على هذا المعنى، ولا يناسبه. انتهى كلام السنديّ (١). واللَّه تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ وفيه ابن عجلان، وقد اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -؟.

[قلت]: إن الاختلاطه خاص بما رواه عن سعيد المقبري (٢)، وهذا مما رواه أيضًا عن القعقاع عن أبي هريرة، وعن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وهذان الطريقان ليس فيهما كلام، فتنبّه.

والحديث من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا -٤٩/ ٢٥٢٧ و ٢٥٢٨ - وفي "الكبرى" ٥١/ ٢٣٠٦ و ٢٣٠٧. وأخرجه (أحمد) في "مسند المكثرين" ٨٧١٠ (وابن خزيمة) في "صحيحه" جـ ٤ ص ٩٩ رقم ٢٤٤٣. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) - راجع "شرح السنديّ" ج ٥ ص ٥٩ - ٦٠.
(٢) راجع "تهذيب التهذيب" جـ ٣ ص ٦٤٦ - ٦٤٧.