للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الشوكانيّ: يمكن ترجيح تقديم الزوجة على الولد بما وقع من تقديمها في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - انتهى.

وقال الطيبيّ: إنما قدّم الولد على الزوجة -أي في رواية الشافعيّ، وأبي داود، والحاكم- لشدّة افتقاره إلى النفقة، بخلافها، فإنه لو طلّقها، لأمكنها أن تتزوّج بآخر.

وقال الخطّابيّ في "المعالم": هذا الترتيب إذا تأملته علمت أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قدّم الأولى، فالأولى، والأقرب، وهو أنه أمره بأن يبدأ بنفسه، ثمّ بولده لأن ولده كبعضه، فإذا ضيّعه هلك، ولم يجد من ينوب عنه في الإنفاق عليه، ثم ثلّث بالزوجة، وأخّرها عن درجة الولد لأنه إذا لم يجد ما يُنفق عليها فرّق بينهما، وكان لها من يمونها، من زوج، أو ذي رحم، تجب نفقتها عليه، ثم ذكر الخادم؛ لأنه يباع عليه إذا عجز عن نفقته، فتكون النفقة على من يبتاعه، ويملكه انتهى (١).

(قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ") فيه دليلٌ على أن الأب يلزمه نفقة ولده المعسر، فإن كان صغيرًا، فذلك بالإجماع، وإن كان كبيرًا ففيه اختلاف.

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختُلف في نفقة من بلغ من الأولاد، ولا مال له، ولا كسب، فأوجبت طائفة النفقة لجميع الأولاد، أطفالًا كانوا، أو بالغين، إناثًا، وذكرانًا، إذا لم يكن لهم أموال، يستغنون بها. وذهب الجمهور إلى أن الواجب أن ينفق عليهم حتى يبلغ الذكر، أو تتزوّج الأنثى، ثم لا نفقة على الأب إلا إن كانوا زمنى، فإن كانت لهم أموالٌ، فلا وجوب على الأب. وألحق الشافعيّ ولد الولد، وإن سفل بالولد في ذلك انتهى (٢).

(قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ) أي لأن نفقته واجبة على السيّد، حيث إنه يباع عليه إذا عجز عن نفقته، فتقدّم على الصدقة على سائر الأقرباء (قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: "أَنْتَ أَبْصَرُ") أي أعلم بشأنه، فإن شئت تصدّقت به، وإن شئت أمسكته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

[فإن قيل]: في إسناده محمد بن عجلان، وقد اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة


(١) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٣٧٦.
(٢) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٣٦٦.