للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح الكاف، وضمّها. قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: ضبطه بعضهم بالفتح، وبعضهم بالضمّ. قال ابن سراج: هو بالضمّ اسمٌ لما كُوِّمَ، وبالفتح المرّة الواحدة، قال: والكُومة -بالضمّ-: الصُّبْرة، والكُوم العظيم من كلّ شيء، والكوم المكان المرتفع، كالرابية. قال القاضي: فالفتح هنا أولى؛ لأنّ مقصوده الكثرة، والتشبيه بالرابية انتهى (١) (مِنْ طَعَام وَثِيَابٍ) بيان للكوم (حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ) أي يَستنير فرَحًا وسُرورًا (كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ)

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: ضبطوه بوجهين:

[أحدهما]: وهو المشهور، وبه جزم القاضي، والجمهور "مُذْهَبةٌ" بذال معجمة، وفتح الهاء، وبعدها باءٌ موحّدة.

[والثاني]: -ولم يذكر الحُمَيديّ في "الجمع بين الصحيحين" غيره- "مُدْهُنَة" -بدال مهملة، وضم الهاء، وبعدها نون- وشرحه الحميديّ في كتابه "غريب الجمع بين الصحيحين"، فقال: هو وغيره ممن فسّر هذه الرواية، إن صحّت: الْمُدهُن: الإناء الذي يُدهَن فيه، وهو أيضًا اسمٌ للنقرة في الجبل التي يُستَنْقَع فيها ماءُ المطر، فشبّه صفاء وجهه الكريم - صلى اللَّه عليه وسلم - بإشراق السرور بصفاء هذا الماء الْمُستَنقع في الحجر، أو بصفاء الدُّهْن والْمُدْهُن.

وقال القاضي عياض في "المشارق" وغيره من الأئمة: هذا تصحيفٌ، وهو بالذال المعجمة، والباء الموحّدة، وهو المعروف في الروايات، وعلى هذا ذكر القاضي وجهين في تفسيره:

[أحدهما]: معناه فضّة مُذهبة، كما قال الشاعر:

كَأَنَّهَا فِضَّةٌ قَدْ مَسَّهَا ذَهَبُ

ويعني به تشبيه إشراق وجهه وتنويره، فهو أبلغ في ذلك.

[والثاني]: شبهه في حسنه، ونوره بالمذهبة من الجلود، والسُّرُوج، والأقداح، وغير ذلك، وجمعها مذاهب، وهي شيءٌ كانت العرب تصنعه من جلود، وتَجعَل فيها خطوطًا مُذْهَبَة، يُرَى بعضها إثرَ بعض.

وأما سبب سروره - صلى اللَّه عليه وسلم -، فهو الفرح بمبادرة المسلمين إلى طاعة اللَّه تعالى، وبذلِ أموالهم للَّه، وامتثال أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين، وشفقة المسلمين بعضهم على بعض، وتعاونهم على البرّ والتقوى، فينبغي للإنسان إذا رأى


(١) - راجع "شرح مسلم" للنوويّ ج ٧ ص ١٠٥.