للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المراد به المحدثات الباطلة، والبدع المذمومة، قال: والبدع خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرّمة، ومكروهة، ومباحة. انتهى كلامه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: كلام النوويّ هذا فيه نظرٌ من وجهين:

[الأول]: دعواه التخصيص المذكور، فإنه غير صحيح، بل عموم حديث كلّ محدثة بدعة الخ" باق على ظاهره، فإن المراد بالبدعة هي البدعة الشرعيّة، وهي التي ابتُدعت بعد إكمال اللَّه تعالى الدينَ بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} الآية، فلا يشهد لها كتابٌ، ولا سنّة، كما بيّن ذلك النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فيما أخرجه الشيخان، بقوله: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه" الحديث، فقد بيّن أن إحداث ما دلّ عليه الكتاب والسنّة ليس من البدعة شرعًا، وإن كان يسمّى بها لغة.

والحاصل أن البدعة اللغويّة أعمّ من البدعة الشرعيّة، حيث إنها تطلق على ما يدلّ عليه النصّ، وما لا يدلّ عليه، بخلاف الشرعيّة، فإنها لا تطلق إلا على ما لا يدلّ عليه دليل، فكلّ بدعة شرعيّة بدعة لغويّة، ولا عكس، فقوله: "كلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة" لا يُخص منه شيء، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف.

[والثاني]: أن تقسيمه لمطلق البدعة إلى خمسة أقسام غير صحيح، فإن هذا التقسيم للبدعة اللغويّة، لا للشرعيّة، فإنها قسم واحد مذموم.

والحاصل أن الذي يقبل التقسيم المذكور هو اللغويّ، ومنه قول عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه تعالى عنه -: "نعمت البدعة" للتراويح، فإنه محمول على المعنى اللغويّ، وكذلك ما نُقل عن الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، وغيره من تقسيمهم البدعة إلى محمودة ومذمومة، أو بدعة حسنة، وبدعة غير حسنة محمول على هذا المعنى، فتبصّر، ولا تتحيّر. وقد بسطت الكلام على هذا في غير هذا المحلّ من هذا الشرح (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث جرير بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٦٤/ ٢٥٥٤ - وفي "الكبرى" ٦٦/ ٢٣٣٥. وأخرجه (م) في "الزكاة" ١٠١٧ (ت) في "العلم" ٢٦٧٥ (ق) في "المقدمة" ٢٠٣ (أحمد) في مسند الكوفيين" ١٨٦٧٥ و ١٨٦٩٣ و ١٨٧٠١ (الدارميّ) ٥١٢. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - راجع شرح "كتاب صلاة العيدين" برقم ٢٢/ ١٥٧٨.