٦ - (أبو موسى الأشعري) عبد اللَّه بن قيس بن سُليم بن حضار الصحابي الشهير، توفي سنة (٥٠) وقيل: بعدها، وتقدم ٣/ ٣. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح، وأن شيخه هو أحد التسعة الذين روى عنهم أصحاب الكتب الستة بلا واسطة. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين من سفيان، وشيخه، ويحيى بصريان. (ومنها): أن فيه رواية الراوي، عن جده، عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "اشْفَعُوا") وفي رواية البخاريّ: "أنه كان إذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة قال: "اشفعوا، فلتؤجروا، ولْيَقْضِ اللَّهُ على لسان رسوله ما شاء". وفي رواية لمسلم: "كان إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه، فقال: اشفعوا فلتؤجروا، وليقض اللَّه على لسان نبيه ما أحبّ".
[تنبيه]: قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وقع في أصل مسلم: "اشفعوا تؤجروا" بالجزم على جواب الأمر المضمّن معنى الشرط، وهو واضح، وجاء بلفظ: "فلتؤجروا"، وينبغي أن تكون هذه اللام مكسورةً؛ لأنها لام "كي"، وتكون الفاء زائدةً، كما زيدت في حديث: "قوموا فلأصلّ لكم"، ويكون معنى الحديث: اشفعوا كي تؤجروا. ويحتمل أن تكون لام الأمر، والمأمور به التعرّض للأجر بالشفاعة، فكأنّه قال: اشفعوا، فتعرّضوا بذلك للأجر، وتكسر هذه اللام على أصل لام الأمر، ويجوز تسكينها تخفيفًا؛ لأجل الحركة التي قبلها.
قال الحافظ: ووقع في رواية أبي داود: "اشفعوا لتؤجروا"، وهو يقوّي أن اللام للتعليل. وجوّز الكرمانيّ أن تكون الفاء سببيّةً، واللام بالكسر، وهي لام "كي"، قال: وجاز اجتماعهما لأنهما لأمر واحد. ويحتمل أن تكون جزائيّةً جوابًا للأمر. ويحتمل أن تكون زائدةً على رأي، أو عاطفةً على "اشفعوا"، واللام لام الأمر، أو على مقدّر، أي اشفعوا لتؤجروا، فلتؤجروا، أو لفظ "اشفعوا تؤجروا" في تقدير: إن تشفعوا تؤجروا، والشرط يتضمّن السببيّة، فإذا أُتي باللام وقع التصريح بذلك.
وقال الطيبيّ: الفاء، والسلام زائدتان للتأكيد؛ لأنه لو قيل: اشفعوا تؤجروا صحّ، أي إذا عَرَضَ المحتاجُ حاجته عليّ، فاشفعوا له إليّ، فإنكم إن شفعتم حصل لكم الأجر، سواء قَبِلتُ شفاعتكم، أم لا، ويُجرِي اللَّه تعالى على لسان نبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما شاء، أي من موجبات