أن تنكح زوجَا بعد أبيه مثلًا، وكذلك سائر محارمه، فإن هذا مما يُبغضه اللَّه تعالى؛
لأنه مما يورث البغضاء، والحقد بين الأرحام، والأصدقاء، ولأنّ ما أحلّه اللَّه تعالى الواجب فيه الرضا به، فإذا لم يَرْضَ به كان ذلك من آثار حميّة الجاهليّة التي جاء الشرع بمحاربتها، وإزالتها، وهو مناف لمقتضى الإيمان، قال اللَّه تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
(وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ) أي إظهاره الاختيال والتكبّر في نفسه، وذلك أن يمشي مشي المتكبّرين، ويُقبل على الحرب، ويدخل في المعركة بنشاط النفس، وقوّة القلب، وإظهار الْجَلادة، والتبختر فيه، والاستهانة، والاستخفاف بالكفّار؛ لما في ذلك من إدخال الرعب والرَّهْبَة في قلوب أوِلياء الشيطان، وإدخال النشاط والرغبة في قلوب أولياء الرحمن (وَعِنْدَ الصَّدقَةِ) هو أن تَهُزّه سجية السخاء، فيُعطيها المستحقّ بطيب نفس، وانشراح صدر، وانبساط وجه، فلا يَمُنُّ، ولا يستكثر كثيرًا، ولا يُبالي بما أعطى، ولا يُعطي منها شيئًا، إلا وهو مستقلّ؛ وذلك لأنه يكون سببًا للاستكثار، والرغبة في الزيادة منها (وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يَبغُضُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، الْخُيَلَاءُ) بضمّ، ففتح، ويروى بكسرٍ، ففتح: الكبر، والإعجاب (في الْبَاطِلِ") وفي لفظ أبي داود "فاختياله في البغي"، وفي لفظ له: "فاختياله في الفخر". ومعنى الخيلاء في الباطل، أن يذكر الرجل أنه قتل فلانًا ظلمًا، وأخذ مال فلان ظلمًا، يتطاول بذلك على أقرأنه، ويظهر الشجاعة لهم، أو يَصدُر منه الاختيال في حال البغي على مال الرجل، أو نفسه.
وأما الاختيال في الفخر، نحو أن يذكر ما له من الحَسَب، والنسب، وكثرة المال، والجاه، والشجاعة، والكرم؛ لمجرّد الافتخار، ثم يحصل منه الاختيال عند ذلك، فإن مثل هذا الاختيال مما يُبغضه اللَّه تعالى أيضًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جابر بن عَتيك - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيحٌ.
[فإن قلت]: في سنده ابن جابر، وهو مجهول، كما تقدّم، فكيف يصحّ؟.
[قلت]: للحديث شاهد، فقد أخرجه ابن ماجه بسند صحيح في "سننه"، فقال:
١٩٩٦ - حدثنا محمد بن إسمعيل، حدثنا وكيع، عن شيبان، أبي معاوية، عن يحيى