للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجل على امرأته، والمرأة على زوجها يَغار، من باب تَعِب غَيرًا، وغَيْرَةً -بالفتح- وغَارًا. قال ابن السِّكيت: ولا يقال: غِيرًا، وغِيَرَةً -بالكسر- فالرجل غَيورٌ، وغَيْرانُ، والمرأة غَيورٌ أيضًا، وغَيْرَى، وجمع غَيُورٍ غُيُرٌ، مثلُ رَسُولٍ ورُسُل، وجمع غَيْرَان، وغَيْرَى غُيَارى -بالضمّ، والفتح- وأغار الرجل زوجته: تزوّج عليها، فغارت عليه انتهى (١).

(مَا يُحِبُّ) بضمّ حرف المضارعة، من أحبه يُحبّه، وفي لغة قليلة: حبّه يَحبّه، ثلاثيًّا، من بأبي نصر، وضرب، حبًّا بالضمّ (اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ) بضمّ الياء، من الإبغاض، يقال: بَغُض الشيءُ، ككرم، ونصر، وفرِح، بَغَاضةً، فهو بَغِضٌ، ويتعدّى بالألف، فيقال: أبغضته إبغاضًا، فهو مُبغَضٌ، ولا يقال: بَغَضته بغير ألف، والاسم الْبُغْضُ. أفاده في "المصباح"، و"القاموس". وما هنا من المتعدي، فيجب ضمّ حرف المضارعة منه. والبُغض: ضدّ الحبّ (اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَمِنَ الْخُيَلَاءِ) -بضمّ، ففتح-: التكبّر (مَا يُحبُّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وَمِنْهَا مَا يَبغُضُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-) وعائد الموصول في الفعلين وكذا فيما بعدُ محذوف: أي ما يحبه، ويبغضه (فأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحبُّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَالْغَيرَةُ فِي الرِّيبَةِ) بكسر الراء: أي موضع الظنّ والشّكّ، وجمعها رِيَبٌ، مثلُ سِدْرة وسِدَرٍ. يقال: رابني الشيءُ يَرِيبني رَيْبًا، من باب باع يَبِيع: إذا جعلك شاكًّا. وقال أبو زيد: رابني من فلانٍ أمرٌ يَريبني رَيبًا: إذا استيقنت منه الرِّيبةَ، فإذا أسأت به الظن، ولم تستيقن منه الرِّيبة قلتَ: أرابني منه أمرٌ هو فيه إرابةً. وأراب فلانٌ إرابةً، فهو مُريبٌ: إذا بلغك عنه شيءٌ، أو توهّمته. وفي لغة هُذَيلٍ: أرابني بالألف، فَرِبْتُ أنا، وارتبتُ: إذا شككتَ، فأنا مرتاب، وزيدٌ مرتابٌ منه، والصلةُ فارقةٌ بين الفاعل والمفعول. أفاده الفيّوميّ.

ومعنى الحديث: أنّ الغَيْرَة في محلّ الظّنّ والشكّ، نحو أن يغار الرجل على زوجته أن تُظهِر محاسنها، وزينتها عند من لا يحلّ لها الإظهار عنده، أو نحو ذلك، أو على محارمه إذا رأى منهنّ فعلًا غير مشروع مع الأجانب، فإن ذلك مما يُحبّه اللَّه تعالى؛ لظهور فائدته، وهي الرهبة والانزجار.

وفي حديث ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، مرفوعًا: "ما أحدٌ أغير من اللَّه، من أجل ذلك حرّم الفواحش". متّفقٌ عليه، وفي لفظ لمسلم: "ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها، وما بطن".

(وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، فَالْغَيْرَةُ فِي غَيرِ رِيبَةٍ) كأن يغار الرجل على أمه


(١) - "المصباح المنير".