للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المرفوع والمجرور.

والمعنى: إلا دُعِيَ له يوم القيامة فضلُهُ الذي منعه، حال كونه شجاعًا أقرع. ولفظ أبي داود: "إلا دُعي له يوم القيامة فضلُهُ الذي منعه، شجاعًا أقرعَ"، وهي واضحة.

و"الشجاع": -بضمّ الشين المعجمة، وكسرها، كغُراب، وكِتاب-: الحيّة مطلقًا، أو الذكر منها، أو ضَرْبٌ منها صغير، جمعه شِجْعانٌ -بالكسر والضمّ-. أفاده في "القاموس". وفي "اللسان": "الشجاع" ضرب من الحيّات دقيقٌ، زعموا أنه أجرؤها، قال ابن أحمر [من الكامل]:

وَحَبَتْ لَهُ أُذُنٌ يُرَاقِبُ سَمْعَهَا … بَصَرٌ كَنَاصِبَةِ الشُجَاعِ الْمُسْخَدِ

حَبَت: انتصبت. و"ناصبة الشجاع": عينه التي ينصبها للنظر إذا نظر انتهى.

(أَقْرَعُ) صفة لشجاع، قال أبو داود في "سننه" بعد أن أخرج الحديث ما نصّه: الأقرع الذي ذهب شعر رأسه من السمّ انتهى.

وقال ابن منظور: الأقرع هو الذي لا شعر على رأسه، يريد حية قد تمعّط جلد رأسه؛ لكثرة سمّه، وطول عمره. وقيل: سمّي أقرع لأنه يَقْرِي السمّ، ويجمعه في رأسه، حتى تتمعّط منه فَرْوَة رأسه. قال ذو الرّمّة يصف حيّة [من الطويل]:

قَرَى السُّمَّ حَتَّى انْمَازَ فَرْوَةُ رَأْسِهِ … عَنِ الْعَظْمِ صِلٌّ فَاتِكُ اللَّسْعِ مَارِدُهْ (١)

(يَتَلَمَّظُ) أي يُخرج لسانه، يقال: تَلَمّظتِ الحيّةُ: إذا أخرجت لسانها. قاله في "القاموس". أو معناه: يُحرّك لسانه عليه، ويتبع أثره. وقال في "اللسان": التلمّظ: الأخذ باللسان ما يبقى في الفم بعد الأكل. وقيل: هو تتبع الطُّعم والتذوّق. وقيل: هو تحريك اللسان في الفم بعد الأكل، كأنه يتتبّع بقيّة من الطعام بين أسنانه. قال: وقال الجوهريّ: لَمَظَ يَلمُظُ -بالضمّ- لمظًا: إذا تتبّع بلسانه بقيّة الطعام في فمه، أو أخرج لسانه، فمسَحَ به شفتيه، وكذلك التلمّظ انتهى.

وقوله (فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَ) بالرفع على أنه النائب عن الفاعل على تقدير نصب "شجاع"، وعلى تقدير رفعه، فهو بدلٌ منه، ولا يقال: إن المبدل منه في نيّة الطرح؛ لأن ذلك أغلبيّ، أو أنّ طرحه بالنسبة للعامل، أي أن عامله مطروحٌ ليس عاملًا في البدل، أو معنى ذلك -كما قال الدمامينيّ-: إن البدل مستقلّ بنفسه، لا متمّمٌ لمتبوعه، كعطف البيان، والنعت (٢).

وقد جوّزوا في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} الآية. كون: "الجنّ" بدلًا من


(١) - راجع "لسان العرب" في مادة شجع.
(٢) - راجع "حاشية الخضريّ على شرح ابن عقيل" عند قول ابن مالك: "أحمد ربي اللَّه خير مالك".