عاد"، وفي لفظ "ثمود"، وكلّ منهما إنما هلك بالكفر، وبقوله: "هم شرّ الخلق"، ولا يوصف بذلك إلا الكفّار، ولقوله: "إنهم أبغض الخلق إلى اللَّه تعالى".
وذهب كثير من أهل العلم إلى أن الخوارج فُسّاق، وأنهم يُجرَي عليهم حكم الإسلام؛ لتلفّظهم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركان الإسلام.
قال القرطبيّ في "المفهم": والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث، قال: وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئًا.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله القرطبيّ حسنٌ جدًّا، وحاصله أن التوقّف أسلم. وسيأتي تحقيق الخلاف في هذه المسألة، وبيان حجة كلّ قول، وترجيح الراجح بدليله في "كتاب تحريم الدم" -٢٦/ ٤١٠١ - إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم دفع الزكاة للمؤلّفة قلوبهم:
قال العلامة القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "تفسيره": اختلف العلماء في بقائهم، فقال عمر، والحسن، والشعبيّ، وغيرهم: انقطع هذا الصنف بعز الإسلام، وظهوره، وهذا مشهور مذهب مالك، وأصحاب الرأي، قال بعض علماء الحنفيّة: لما أعزّ اللَّه الإسلام، وأهله، وقطع دابر الكافرين -لعنهم اللَّه- اجتمعت الصحابة - رضي اللَّه تعالى - عنهم أجمعين في خلافة أبي بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - على سقوط سهمهم.
وقال جماعة من العلماء: هم باقون؛ لأن الإمام ربما احتاج أن يستألف على الإسلام. وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين. قال يونس: سألت الزهريّ عنهم؟ فقال: لا أعلم نسخًا في ذلك. قال أبو جعفر النحّاس: فعلى هذا الحكمُ فيهم ثابتٌ، فإن كان أحد يُحتاج إلى تألّفه، وُيخاف أن تَلحَق المسلمين منه آفةٌ، أو يُرجى أن يحسن إسلامه بعدُ دُفع إليه. قال القاضي عبد الوهّاب: إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أعطوا من الصدقة. وقال القاضي ابن العربيّ: الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أُعطُوا سهمهم، كما كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يعطيهم، فإن في "الصحيح": "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ" انتهى كلام القرطبيّ (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن هذا الذي قاله ابن العربيّ -رحمه اللَّه تعالى- هو الأرجح.
وحاصله: أن نصيب المؤلّفة قلوبهم باق على حسب الحاجة، فحيث وُجدت حاجة