للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَحَمَّلَ حَمَالَةً, فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ, حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا, مِنْ عَيْشٍ, أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ, وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ, فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ, فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ, حَتَّى يُصِيبَهَا, ثُمَّ يُمْسِكَ, وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ, حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا, مِنْ قَوْمِهِ, قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ, فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ, حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ", أَوْ "سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ, فَمَا سِوَى هَذَا, مِنَ الْمَسْأَلَةِ, يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ, يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد تقدموا في السند الماضي غير شيخه "محمد بن النضر بن مساور" وهو المروزيّ، صدوق [١٠] ٧٠/ ٢٣٤٧. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ قَبيصَةَ) -بفتح القاف، وكسر الموحّدة، فمثنّاة تحتيّة، فصاد مهملة- (ابْنِ مُخَارِقٍ) -بضمّ المَيم، وتخفيف المعجمة- ابن عبد اللَّه الهلاليّ الصحابي، نزيل البصرة - رضي اللَّه تعالى عنه -، تقدّمت ترجمته في ١٦/ ١٤٨٦ أنه (قَالَ: تحَمَّلْتُ حَمَالَةً) بفتح الحاء المهملة، كسَحَابة: ما يتحمّله الإنسان عن غيره، من دية، أو غَرَامة، مثل أن يقع حربٌ بين فريقين، تُسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجلٌ يتحمّل ديات القتلى؛ ليُصلح ذات البين، والتحمّل أن يحملها عنهم على نفسه -أي يتكفّلها، ويلتزمها في ذمّته-. أفاده في "النهاية" (١).

وقال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: تفسير الْحَمَالة أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال، ويَحدُث بسببهما العداوة، والشحناء، ويُخاف من ذلك الفتق العظيم، فيتوسّط الرجل فيما بينهم، ويسعى في إصلاح ذات البين، ويتضمن مالًا لأصحاب الطوائل، يترضّاهم بذلك حتى تسكن الثائرة، وتعود بينهم الألفة انتهى.

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: ما حاصله: الحمالة -بالفتح- هو المال الذي يتحمّله الإنسان، أي يستدينه، ويدفعه في إصلاح ذات البين، كالإصلاح بين قبيلتين، ونحو ذلك، وإنما تحلّ له المسألة، وُيعطَى من الزكاة بشرط أن يستدينه لغير معصية انتهى (٢).

وقال الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة اقتضت غرامة في دية، أو غيرها، قام أحدهم، فتبرّع بالتزام ذلك، والقيام به حتى ترتفع تلك الفتنة الثائرة، ولا شكّ أن هذا من مكارم الأخلاق، وكانوا إذا علموا أن أحدهم تحمّل حَمَالةً بادروا إلى معونته، وأعطوه ما تبرأ به ذمّته، وإذا سأل لذلك لم يُعَدَّ نقصًا في قدره، بل فخرًا انتهى (٣).


(١) - "النهاية في غريب الحديث والأثر" ج ١ ص ٤٤٢.
(٢) - "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ج ٧ ص ١٣٤.
(٣) - "نيل الأوطار" ج ٤ ص ١٨١ طبعة دار الكتب العلمية.