للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَسْاَلُهُ فِيهَا) أي في الحمالة، أي لأجلها (فَقَالَ: "أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ) أمر من الإقامة، بمعنى اثبت، واصبر. وقال السنديّ: أي كن في المدينة مقيمًا (حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ) بنصب الفعل بـ "أن" مضمرةً وجوبًا بعد "حتّى"، لكونه مستقبلًا، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "حَتَّى" حَالًا اوْ مُؤَوَّلًا … بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا

والمعنى: حتى يحضر لدينا مال الصدقة (فَنَأْمُرَ لَكَ) وفي "الكبرى" زيادة "بها". والفعل منصوب عطفًا على ما قبله.

(قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الصَّدَقَةَ") وفي الرواية الماضية: "إن المسألة" أي السؤال (لَا تَحِلُّ، إِلاَّ لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ) أي لا تحلّ إلا لصاحب ضرورة مُلجئة إلى السؤال، وهم هؤلاء الثلاثة (رَجُلٍ) بدل من "أحد"، أو من "ثلاثة"، وبالرفع خبر مبتدإ محذوف، أي أحدهم، ويجوز نصبهِ بتقدير فعل، كـ "أعني"، على لغة ربيعة الذين يقفون على المنصوب المنوّن بالسكون (تَحَمَّلَ حَمَالَةَ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ) أي جاز له سؤال الناس (حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ) قال ابن الأثير: أي ما يقوم بحاجته الضروريّة. وقِوام الشيء: عماده الذي يقوم به، يقال: فلان قِوام أهل بيته، وقِوام الأمر ملاكه. انتهى (١).

وقال في "القاموس": والقَوَام، كسَحَاب: العَدْل، وما يُعاش به. وبالضمّ: داءٌ في قوائم النساء. وبالكسر: نظام الأمر، وعماده، وملاكه.

وقال في "المصباح": القوام -بكسر القاف-: ما يُقيم الإنسان من القوت. والقوام بالفتح: العدل، والاعتدال، قال تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} أي عَدْلًا، وهو حسن القَوَام: أي الاعتدال انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تبيّن مما ذُكر أن القَوَام هنا يجوز ضبطه بالفتح، والكسر، على ما في "القاموس ومعناه: ما يقوم بحاجته الضروريّة. واللَّه تعالى أعلم.

(أَوْ) للشكّ من بعض الرواة (سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) أي ما يكفي حاجته. و"السِّدَاد" - بالكسر-: كلّ شيء سَدَدت به خَلَلًا، وبه سمّي سِدَادُ الثَّغْر، والقارورةِ، والحاجةِ. قاله ابن الأثير (٢).

وقال الفيّوميّ: والسِّدَادُ -بالكسر-: ما تُسدّ به القارورة وغيرها، وسِدَاد الثَّغْر - بالكسر- من ذلك، واختلفوا في سِدَادٍ من عيشٍ، وسِدَادِ من عَوَزٍ لما يُرمَق به العيش، وتُسدّ به الْخَلَّة، فقال ابن السِّكِّيت، والفارابيّ، وتبعه الجوهريّ: بالفتح، والكسر،


(١) - "النهاية" ج ٤ ص ١٢٤.
(٢) -"النهاية" ج ٢ ص ٣٥٣.