للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتكون "من" هنا اسم "إنّ"، و"يَقتُل" خبرها. ويحتمل أن كلمة "ما" مقدّرة، والموصول مع صلته اسم "إنّ"، وحَذفُ الموصول، وإبقاء صلته جائز في كلام العرب، كقول حسّان - رضي اللَّه تعالى عنه -[من الطويل]:

أَمَنْ يهجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ … وَيَمْدَحُهُ ويَنْصُرُهُ سَوَاءُ

إذ تقديره: ومن يمدحه الخ (١). والجارّ والمجرور في قوله: "مما يُنبت" خبر مقدّم. واللَّه تعالى أعلم.

(إِلَّا) بكسر الهمزة، تشديد اللام، على الاستثناء، وهذا هو المشهور الذي قاله الجمهور، من أهل الحديث، واللغة، وغيرهم. قال القاضي عياض: ورواه بعضهم "أَلَا" بفتح الهمزة، وتخفيف اللام، على الاستفتاح (٢).

(آكِلَةُ الْخَضِرِ) بالمدّ، وكسر الكاف، بصيغة اسم الفاعل. و"الخَضِرُ" بفتح الخاء، والضاد المعجمتين، وكذا لأكثر رواة البخاريّ، وهو ضرب من الكلأ، يُعجب الماشية، وواحده خَضِرَة. وفي رواية الكشميهني: "خُضْرَة" بضمّ الخاء، وسكون الضاد، وزيادة الهاء في آخره. وفي رواية السرخسيّ: "الخَضْرَاء" بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وبالمدّ. ولغيرهم: "خُضَر" بضمّ أوله، وفتح ثانيه، جمع خُضْرَة. أفاده في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاستثناء هنا منقطع بمعنى "لكن"، و"آكلة" مبتدأ محذوف الخبر، أي لكن آكلة الخضر تنتفع بأكلها، فإنها تأخذ الكلأ على الوجه الذي ينبغي. ويحتمل أن يكون متصلًا، والمستثنى منه محذوف، أي يقتل كلّ آكلة، إلا آكلة الخضر. وأما ما قاله بعضهم من أن الاستثناء مفرّغ في الإثبات، فضعيف؛ لأن الاستثناء المفرّغ لا يقع في الإثبات، إلا على رأي ضعيف. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(فَإِنَّهَا أَكَلَتْ، حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ) وفي نسخة: "إذا امتلأت" (خَاصِرَتَاهَا) تثنية خاصرة، بخاء معجمة، وصاد مهملة: وهما جانبا البطن، من الحيوان. وفي رواية الكشميهني: "خاصرتها" بالإفراد، والمعنى حتى إذا شبعت (اسْتَقْبَلَتْ) وفي رواية للبخاريّ: "أتت" (عَينَ الشَّمْسِ) تستمرىء بذلك. زاد في رواية البخاريّ: "فاجترّت"، ولمسلم: ثم اجترّت"، وهو بالجيم، أي استرفعت ما أدخلته في كرشها من العلف، فأعادت مَضْغَه.


(١) - راجع "حاشية الخضري على ابن عقيل" في "باب الموصول" ج ١ ص ١٠٤.
(٢) - "شرح مسلم" للنوويّ ج ٧ ص ١٤٣.