للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: (مَنْ سَأَلَ) أي من الناس أموالهم (وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، أي والحال أن عنده ما يغنيه عن مسألة الناس (جَاءَتْ) الفاعل ضمير المسألة المفهومة من "سأل"، أي جاءت مسألته (خُمُوشًا) جمع خَمْش، كفَلْس وفُلُوس، وهو الأثر في الوجه، يقال: خَمَشت المرأةُ وجهها بظفرها خَمْشًا، من باب ضرب: جَرَحت ظاهر البشرة، ثمّ أطلق الخمش على الأثر. أفاده في "المصباح". وهو منصوب على الحال. ولفظ أبي داود: "جاء يوم القيامة، ومسألته خُموش، أو خُدُوش، أو كُدُوح" (أَوْ "كُدُوحًا") "أو" هنا للشكّ من بعض الرواة، و"الكُدوح" جمع كَدْح، كفلس وفلوس، وهو -كما في "القاموس" بمعنى الْخَدْش. وقال في مادّة خدش: خَدَشَهُ يخدِشُه -أي من باب ضرب-: خَمَشَه، والجلدَ مزّقه، قَلّ، أو كثُرَ، أو قَشَره بعُود ونحوه. والْخَدْشُ اسم لذلك الأثر أيضًا، وجمعه خُدُوش انتهى.

وقال في "المرعاة": "خُمُوش، أو خُدُوش، أو كُدوح" بضم أوائلها ألفاظ متقاربة المعاني، جمع خَمْش، وخَدْش، وكَدْح.

فـ "أو" هنا لشكّ الراوي، إذ الكلّ يُعْرِب عن أثر ما يظهر على الجلد واللحم، من ملاقاة الجسد ما يقشر، أو يجرح، ولعلّ المراد بها آثار مستنكرة في وجهه حقيقةً، أو أمارات ليُعرَف، ويُشهَر بذلك بين أهل الموقف.

أو لتقسيم منازل السائل، فإنه مقلّ، أو مكثر، أو مُفْرِطٌ في المسألة، فذكر الأقسام على حسب ذلك. والخمش أبلغ في معناه من الخدش، وهو أبلغ من الكدح، إذ الخمشُ في الوجه، والخدش في الجلد، والكدح فوق الجلد. وقيل: الخدش قَشْرُ الجلد بعود، والخمش قشره بالأظفار، والكدحُ العضّ، وهي في أصلها مصادر، لكنّها لما جُعلت أسماء الآثار جمُعت. كذا في "المرقات" (١).

(فِي وَجْهِهِ) متعلّق بمحذوف صفة لـ و"خموش"، أي كائنةً في وجهه (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) متعلّق بـ "جاءت" (قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَاذَا يُغْنِيهِ؟) أي أيّ شيء يغنيه غنًى يمنعه عن السؤال، وليس المراد بيان الغنى الموجب للزكاة، أو المحرِّم لأخذها من غير سؤال (أَوْ مَاذَا أَغْنَاهُ؟) "أو" هنا للشكّ من الراوي (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (خَمْسُونَ دِرْهَمًا) خبر لمحذوف، أي هو خمسون درهمًا (أَوْ حِسَابُهَا مِنَ الذَّهَبِ) "أو" هنا للتنويع. يعني أن الغنى المانع من


(١) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٢٦٧.