حاجته، وتوكّل على ربّه، فرجع، ففتح اللَّه تعالى عليه من غير مسألة، فاستغنى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٥٩٧ - (أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ أَبِي حَصِينٍ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ, وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (هناد بن السري) التيمي الكوفي، ثقة [١٠] ٢٣/ ٢٥.
٢ - (أبو بكر) بن عيّاش الكوفيّ الثقة العابد المقرئ المشهور، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح [٧] ٩٨/ ١٢١.
٣ - (أبو حصين) -بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين- عثمان بن عاصم الأسديّ الكوفيّ الثقة الثبت [٤] ١٠٢/ ١٥٢.
٤ - (سالم) بن أبي الجعد رافع الغطفانيّ الأشجعيّ مولاهم الكوفيّ الثقة [٣] ٦١/ ٧٧.
(أبو هريرة) - رضي اللَّه عنه - ١/ ١. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من خماسيات المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير الصحابي، فمدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: لَا تحَلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ) هذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم، وإنما الخلاف بينهم في حد الغنى الذي يحرّم الصدقة، وقد تقدّم تحقيق الخلاف في ذلك في باب "حدّ الغنى" -٨٧/ ٢٥٩٢ - وأن الأرجح أن حد الغنى يعتبر في كلّ شخص بحاله، وحال الزمن، والمكان. فقد قال الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-: لا حدّ للغنى معلومًا، وإنما يُعتبر حال الإنسان. وقال أيضًا: قد يكون الرجل بالدرهم غنيًّا مع الكسب، ولا يُغنيه الألف، مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله انتهى.
والحاصل أن من وجد كفايته هو الغنيّ، وإن كان لا يملك إلا قليلًا، ومن لا فلا، وإن كان يملك كثيرًا. واللَّه تعالى أعلم.
(وَلَا لِدِي مِرَّةٍ) بكسر الميم، وتشديد الراء: أي قوّة. قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: