للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم أخرجه من طريق يونس، عن ابن شهاب، قال: وساق الحديث بنحو حديث مالك، وقال فيه: فألقى عليٌّ رداءه، ثم اضطجع عليه، وقال: أنا أبو حسنٍ القَرْمُ (١)، واللَّه لا أَرِيمُ (٢) مكاني، حتى يرجع إليكما ابناكما، بِحَوْر (٣) ما بعثتما به إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال في الحديث: ثم قال لنا: "إن هذه الصدقات، إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد"، وقال أيضًا: ثم قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ادْعُوَا لي مَحْمِيَةَ بن جَزْء" -وهو رجل من بني أسد، كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، استعمله على الأخماس.

(ائْتِيَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقُولَا لَهُ: اسْتَعْمِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّه عَلَى الصَّدَقَاتِ) أي ولّنا على جمع الصدقات، حتى نأخذ الأجرة منها، فنقضي حاجتنا (فَأَتَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (وَنَحْنُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ) أي على التشاور في إتيان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لطلب العمل منه (فَقَالَ:) عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه - (لَهُمَا) أي لعبد المطّلب، وللفضل بن عباس (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لَا يَسْتَعْمِلُ مِنْكُمْ) أي من بني هاشم (أَحَدًا عَلَى الصَّدقَةِ) الظاهر أن عليًّا - رضي اللَّه تعالى عنه - سمع ذلك من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَالَ: عَبْدُ الْمُطلِب: فَانْطَلَقْتُ أَنَا، وَالْفَضْلُ) مخالِفَينِ قول عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه -؛ لظنهما أنه قال ذلكَ لغرض نفسيّ، كما تقدّم في رواية مسلم قول ربيعة له: "واللَّه ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا" (حَتَّى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي فكلمناه بذلك، كما تقدّم تفصيل ما قالاه في رواية مسلم المذكورة (فَقَالَ: لَنَا: إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ) أي أنواع الزكاة (إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ) فيه تنبيه على علة تحريمها على بني هاشم، وبني المطّلب، وأن ذلك لكرامتهم، وتنزيههم عن الأوساخ.

ومعنى أوساخ الناس أنها تطهيرٌ لأموالهم، ونفوسهم، كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية [التوبة: ١٠٣] فهي كغُسالة الأوساخ. قاله النوويّ (وِإنهَّا لَا تحَلُّ لِمُحَمَّدٍ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ - صلى اللَّه عليه وسلم -) هذا صريح في أنها محرّمة عليهم، سواءٌ كان بسبب العمل، أو بسبب الفقر والمسكنة، وغيرهما، من الأسباب الثمانية. قال النوويّ: وهذا هو الصحيح عند أصحابنا -يعني الشافعيّة- وجوّز بعض أصحابنا لنبي هاشم، وبني المطّلب العمل عليها بسهم العامل؛ لأنه إجارةٌ. وهذا ضعيف، أو باطل، وهذا الحديث صريحٌ في ردّه انتهى (٤).


(١) -أي السيّد.
(٢) -أي لا أفارقه.
(٣) -بفتح الحاء المهملة: أي بجوابه.
(٤) - شرح صحيح مسلم ج ٧ ص ١٧٨.