للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشافعيّ، وخالفه الجمهور، وقالوا: إنه أعطى بني المطّلب على جهة التفضيل، لا الاستحقاق، وهو خلاف الظاهر، بل قوله: "شيء واحد" دليلٌ على أنهم يشاركونهم في استحقاق الخمس، وتحريم الزكاة انتهى كلام الصنعانيّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي حقّقه الصنعانيّ -رحمه اللَّه تعالى-، من ترجيح ما ذهب إليه الإمام الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، ومن تبعه، وهو أن آله - صلى اللَّه عليه وسلم - هم بنو هاشم، وبنو المطّلب، هو الأرجح عندي؛ لوضوح دليله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في الصدقة التي تحرم على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، هل هي مطلق الصدقة، أو المفروضة فقط:

ذهب الجمهور إلى أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يحرم عليه صدقة الفرض، والتطوّع، وقد ادّعى الإجماع على ذلك جماعة، منهم الخطّابيّ، لكن فيه نظر، فقد حكى غير واحد عن الشافعيّ في التطوّع قولًا، وكذا في رواية عن أحمد، ولفظه في رواية الميمونيّ: "ولا يحلّ للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأهل بيته صدقة الفطر، وزكاة الأموال، والصدقة يصرفها الرجل على محتاج يريد بها وجه اللَّه تعالى، فأما غير ذلك، فلا، أَلَيْسَ يقال: كلّ معروف صدقة؟، وقد كان يُهدى للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويستقرض، فليس ذلك من صدقة الأموال على الحقيقة، كالقرض، والهديّة، وفعل المعروف غير محرّم عليه (١).

وقال الماورديّ: يحرم عليه كلّ ما كان من الأموال متقوّما. وقال غيره: لا تحرم عليه الصدقة العاقة، كمياه الآبار، وكالمساجد، واختلف هل كان تحريم الصدقة من خصائصه، دون الأنبياء، أو كلّهم سواء في ذلك (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي أن كلّ ما كان باسم الصدقة محرّم عليه - صلى اللَّه عليه وسلم -، سواء كان فرضًا، أو تطوّعًا؛ لإطلاق النصوص، وأما ما ليس كذلك، كالهديّة، وفعل المعروف له، فلا يحرم عليه؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يُهدَى إليه، فيقبل الهديّة، وكان يستقرض، وكان أصحابه - رضي اللَّه تعالى عنهم - يعملون له المعروف، فلا يردّ ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): هل يلتحق به - صلى اللَّه عليه وسلم - آله في تحريم الصدقة مطلقًا، أم لا؟:

قال ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحلّ لهم الصدقة المفروضة. وكذا حكى الإجماع ابن رسلان. وروى أبو عصمة عن أبي حنيفة جواز


(١) - راجع "المغني" ج ٤ ص ١١٧.
(٢) - "فتح" ج ٤ ص ١٢١ - ١٢٢.