للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في المراد بآل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الذين تحرم عليهم الصدقة:

ذهب الشافعيّ، وجماعة من العلماء إلى أنهم بنو هاشم بن عبد مناف، وبنو المطّلب ابن عبد مناف، واستدلّ الشافعيّ على ذلك بأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أشرك بني المطّلب مع بني هاشم في سهم ذوي القربى، ولم يُعط أحدًا من قبائل قريش غيرهم، وتلك العطيّة عِوَضٌ عُوِّضُوه بدلًا عمّا حُرِموه من الصدقة. كما أخرج البخاريّ من حديث جبير بن مُطعِم، قال: مشيت أنا، وعثمان بن عفّان إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول اللَّه أعطيت بني المطّلب من خمس خيبر، وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنما بنو المطّلب، وبنو هاشم شيء واحد".

وذهب أبو حنيفة، ومالك إلى أنهم بنو هاشم فقط (١).

وعن أحمد روايتان كالمذهبين. وقيل: هم قريش كلّها. وقال أصبغ المالكيّ: هم بنو قصيّ.

وقال العلاّمة الصنعانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: الأقرب في المراد بالآل ما فسّرهم به زيد ابن أرقم عند مسلم في "المناقب" في قصّة طويلة، بأنهم آل عليّ، وآل العبّاس، وآل جعفر، وآل عقيل انتهى.

قال: يزيد آل الحارث بن عبد المطّلب؛ لحديث عبد المطّلب بن ربيعة -يعني حديث الباب- فهذا تفسير الراوي، وهو مقدّم على تفسير غيره، فالرجوع إليه في تفسير آل محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - هنا هو الظاهر؛ لأن لفظ الآل مشتركٌ، وتفسير روايه دليل على المراد منه، وكذلك يدخل في تحريم الزكاة عليهم بنو المطّلب بن عبد مناف، كما يدخلون في قسمة الخمس، كما يفيده حديث جُبير بن مطعم، يعني الذي تقدّم استدلال الشافعيّ به. قال: هذا الحديث دليلٌ على أن بني المطّلب يشاركون بني هاشم في سهم ذوي القربى، وتحريم الزكاة أيضًا، دون من عداهم، وإن كانوا في النسب سواء، وعلّله - صلى اللَّه عليه وسلم - باستمرارهم على المولاة، كما في لفظ آخر عَلَّلَهُ بأنهم لم يفارقونا في جاهليّة، ولا إسلام، فصاروا كالشيء الواحد في الأحكام، وهو دليل واضحٌ في ذلك، وإليه ذهب


(١) - المراد ببني هاشم هم: آل عليّ، وآل عَقِيل، وآل جعفر، أولاد أبي طالب عمّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وآل العباس، وآل الحارث ابني عبد المطّلب جدّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولم يدخل في ذلك آل أبي لهب؛ لأن حرمة الصدقة أوّلًا في الآباء إكرامًا لهم، حيث نصروه - صلى اللَّه عليه وسلم - في جاهليّتهم، وإسلامهم، ثمّ سَرَت إلى الأولاد، ولا إكرام لأبي لهب.