للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في موضع آخر: وقال ابن فرج في "شرح الأربعين": قوله: "فاجتنبوه" هو على إطلاقه حتى يوجد ما يُبيحه، كأكل الميتة عند الضرورة، وشرب الخمر عند الإكراه، والأصل في ذلك جواز التلفّظ بكلمة الكفر إذا كان القلب مطمئنًّا بالإيمان، كما نطق به القرآن انتهى.

والتحقيق أن المكلّف في ذلك كلّه ليس منهيًّا عنه في تلك الحال.

وأجاب الماورديّ بأن الكفّ عن المعاصي ترك، وهو سهلٌ، وعمل الطاعة فعلٌ، وهو يشقّ، فلذلك لم يُبَح ارتكاب المعصية، ولو مع العذر؛ لأنه ترك، والترك لا يعجز المعذور عنه، وأباح ترك العمل بالعذر؛ لأن العمل قد يعجز المعذور عنه.

وادّعى بعضهم أن قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} يتناول امتثال المأمور، واجتناب المنهيّ عنه، وقد قيد بالاستطاعة، واستويا، فحينئذ يكون الحكمة في تقييد الحديث بالاستطاعة في جانب الأمر دون النهي أن العجز يكثر تصوّره في الأمر، بخلاف النهي، فإن تصوّر العجز فيه محصور في الاضطرار. انتهى ما في "الفتح" (١) وهو بحث نفيس جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١/ ٢٦١٩ - وفي "الكبرى" ١/ ٣٥٩٨. وأخرجه (خ) في "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة" ٧٢٨٨ (م) في "الحجّ" ١٣٣٧ (ت) في "العلم" ٢٦٧٩ (ق) في "المقدّمة" ١ و ٢ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٣٢٠ و ٧٤٤٩ و ٢٧٣٦١ و ٨٤٥٠ و ٩٢٣٩ و ٩٤٨٨ و ٩٥٧٧ و ٢٧٢٥٨ و ٩٨٩٠ و ٢٧٣١٢ و ١٠٢٢٩. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان وجوب الحجّ (ومنها): أن الحجّ لا يتكرّر وجوبه، بل هو مرّة في العمر.

قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: لا خلاف في أن الحجّ لا يتكرّر وجوبه، إلا أن هذا الإجماع إنما حصل بدليل، أما نفس اللفظ فقد يوهم التكرار، ولذا سأل السائل، فإن


(١) - "الفتح" ج ١٥ ص ١٨٩ - ١٩١.