للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا الحديث على وجوب العمرة واضح، وقد سبقه إلى ذلك الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى-، فقد أخرج البيهقيّ في "سننه الكبرى" بسنده إلى أحمد بن سلمة، قال: سألت مسلم بن الحجّاج عن هذا الحديث -يعني حديث أبي رزين هذا- فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أجود من هذا، ولا أصحّ منه، ولم يُجَوِّده أحد كما جوّده شعبة انتهى (١). وسيأتي بيان مذاهب العلماء في حكم العمرة في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): مشروعيّة النيابة عمن لا يستطيع الحجّ ولا العمرة، كالشيخ الكبير (ومنها): وجوب الحجّ والعمرة على من وجد مالًا، ولم يستطع أن يحجّ بنفسه، لاستطاعة بغيره، وهو مذهب الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، وسيأتي بيان الخلاف في ذلك في -٩/ ٢٦٣٥ - إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وجوب العمرة:

ذهب الجمهور إلى أن العمرة واجبة، وممن نقل عنه هذا: عمر، وابن عبّاس، وابن عمر، وجابر، وطاوس، وعطاء، وابن المسيّب، وسعيد بن جُبير، والحسن البصريّ، وابن سيرين، والشعبيّ، ومسروق، وأبو بردة بن أبي موسى الأشعريّ، وعبد اللَّه بن شدّاد، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وداود، ذكره النوويّ في "المجموع" (٢)، وبه قال ابن حزم، وزاد في "المحلّى": زيدَ بن ثابت، وابن مسعود، وعلي بن الحسن، ونافعا مولى ابن عمر، وهشام بن عروة، والحكم بن عتيبة، وقتادة، والأوزاعيّ قال: ولا يصحّ عن أحد من الصحابة خلاف لهم في هذا، إلا رواية ساقطة من طريق أبي معشر، عن إبراهيم أن عبد اللَّه قال: العمرة تطوّع، والصحيح عنه خلاف هذا كما ذكرنا، قال: ولا من التابعين، إلا إبراهيم النخعي وحده، وروايةً عن الشعبيّ، قد صحّ عنه خلافها، كما ذكرنا.

وذهب مالك، وأبو حنيفة، وأبو ثور إلى أنها سنة، وليست بواجبة، وحكاه ابن المنذر عن النخعيّ (٣).

وإلى المذهب الأول ميلُ المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، كما أوضحه في ترجمته، جازمًا، حيث "باب وجوب العمرة"، وإليه ميلُ الإمام البخاريّ أيضًا في "صحيحه"، حيث قال: "باب وجوب العمرة، وفضلها"، وقال ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -:


(١) - "السنن الكبرى" ج ٤ ص ٣٥٠.
(٢) - "المجموع" ج ٧ ص ١١ - ١٢.
(٣) - المصدر المذكور.