الرأس خلقة وسمتا، فلم يكن منه كالخد، وقولنا: وسمتا: احتراز من النَّزَعة، ولأن الإجماع منعقد على أن البياض الدائر حول الأذن ليس من الرأس مع قربه، فالأذن أولى ولأنه لا يتعلق بالأذن شيء من أحكام الرأس سوى المسح، فمن ادعى أن حكمهما في المسح حكم الرأس فعليه البيان.
وأما الجواب عن احتجاج الزهري، فمن وجهين:
أحدهما: المراد بالوجه الجملة، والذات، كقوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (١)} [القصص: ٨٨] والدليل على هذا أن السجود حاصل بأعضاء أخر.
الثاني: أن الشيء يضاف إلى ما يقاربه، وإن لم يكن منه.
والجواب عما احتج به القائلون بأنهما من الرأس من الآية أنه تأويل للآية على خلاف ظاهرها، فلا يقبل، والمفسرون مختلفون في ذلك، فقيل: إن المراد الرأس، وقيل: الأذن، وقيل: الذؤابة، فكيف يحتج بها، والحالة هذه.
والجواب عن الأحاديث أنها ضعيفة متفق على ضعفها، مشهور في كتب الحديث تضعيفها إلا حديث ابن عباس فإسناده جيد، ولكن ليس فيه دليل لما ادعوه، لأنه ليس فيه أنه مسحهما بماء الرأس المستعمل في الرأس، قال البيهقي: قال أصحابنا: كأنه كان يعزل من كل يد أصبعين، فإذا فرغ من مسح الرأس مسح بهما أذنيه.
وأما الجواب عن احتجاج الشعبي بفعل علي، فمن أوجه.
أحدها: أنها رواية ضعيفة لا تعرف.
والثاني: ليس فيها دليل على الفرق بين مقدم الأذن ومؤخرها.
والثالث: أن ذلك محمول على أنه استوعب الرأس فانْمَسَحَ مؤخر
(١) قال الجامع: تفسير الوجه بالذات إن كان تأويلا لمعنى الوجه الحقيقي إلى معنى آخر نفيا لصفة الوجه فهذا غير صحيح، وإن كان مع إثبات معنى الوجه الحقيقي إلا أنه أريد في الآية أنه يهلك كل شيء إلا الله تعالى، وإنما عبر بالوجه لأنه أشرف ما في الذات فهذا معنى صحيح فتنبه.