(ثمَّ رَكِبَ) ولأبي داود: "ثم ركب راحلته"(وَصَعِدَ جَبَلَ الْبَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجَّ وَالْعُمْرَةِ) أي رفع صوته بالتلبية بهما معًا (حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ) الظرف متعلّق بـ "أهلّ" يعني أن إهلاله لم يتأخّر عن صلاة الظهر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، إن سلم من عنعنة الحسن، فإنه مدلّس. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٢٥/ ٢٦٦٢ و ٥٦/ ٢٧٥٥ و ١٤٣/ ٢٩٣١ - وفي "الكبرى" ٢٥/ ٣٦٤٢ و ٥٥/ ٣٧٣٦. وأخرجه (د) في "المناسك" ١٧٧٤ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٢٧٤١ (الدارمي) في "المناسك" ١٨٠٧. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): الصلاة عند البيداء (ومنها): أن الإحرام يكون بعد الصلاة (ومنها): أن الإهلال يكون على جبل البيداء، على ما دلّ عليه حديث أنس - رضي اللَّه عنه - هذا، ويخالفه حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وغيره، وسيأتي الجمع بين الروايات المختلفة في هذا الباب في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): مشروعيّة رفع الصوت بالتلبية. (ومنها): مشروعيّة القرآن بالحجّ، وسيأتي بيان اختلاف العلماء، في أنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - هل كان متمتعًا، أم قارنًا، أم مفردًا؟، في محله إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في مبدإ الإهلال بالحجّ، أو العمرة: ذهب الإمامان: مالك، والشافعيّ، وجمهور العلماء -رحمهم اللَّه تعالى- إلى أن الأفضل أن يُحرم إذا انبعثت به راحلته؛ لاتفاق أغلب الروايات في المعنى، وأصحّها، وأشهرها على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أهلّ عند انبعاث راحلته، وانبعاثُها هو استواؤها قائمة.
وذهب الأئمة: أبو حنيفة، وأحمد، وداود -رحمهم اللَّه تعالى- إلى أنه يُحرِم عقب الصلاة، وهو جالس في مصلاّه، قبل ركوب دابّته، وقبل قيامه، قال النوويّ: وهو قول