للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويسألك".

(أَسْألُهُ عَنْ ذَلِكَ) أي عن حكم غسل المحرم رأسه (فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ) بفتح القاف: تثنية قَرْن، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر، وشبههما من البناء، وتُمدّ بينهما خشبة يُجرّ عليها الحبل المستقَى به، وتُعلّق عليها البكرة. قاله النوويّ (١).

(وَهُوَ مُسْتَتِرٌ بِثَوْب) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل. ولفظ "الكبرى": وهو يُستَرُ بثوب" (فَسَّلَّمْتُ عَلَيْهِ) فيه أنه يُشرع السلام على من يغتسل، ولذا لم ينكر عليه أبو أيوب، وقد ثبت في "الصحيحين"، وغيرهما (٢) في قصّة أم هانئ - رضي اللَّه تعالى عنها - أنها قالت: ذهبت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، عام الفتح، فوجدته يغتسل - وفاطمة ابنته تستره- قالت: فسلمت عليه، فقال: "من هذه؟ … " الحديث.

زاد في رواية مسلم: "فقال: "من هذا؟ فقلت: أنا عبد اللَّه بن حُنين، أرسلني إليك عبد اللَّه بن عباس … " الحديث.

(وَقُلْتُ: أَرْسَلَنِي إِلَيكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَغْسِلُ رَأْسَهُ) قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: الظاهر أن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - كان عنده نصّ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أخذه عن أبي أيوب، أو غيره، ولهذا قال عبد اللَّه بن حُنين لأبي أيوب: أسألك كيف كان يغسل رأسه؟، ولم يقل: هل كان يغسل رأسه، أوْلا؟، على حسب ما وقع فيه اختلاف بين المسور، وابن عباس.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ويحتمل أن يكون عبد اللَّه بن حُنين تصرّف في السؤال لفطنته، كأنه لَمّا قال له: سله، هل يغتسل المحرم، أوْلَا؟، فجاء، فوجده يغتسل، فهم من ذلك أنه يغتسل، فأحبّ أن لا يرجع إلا بفائدة، فسأله عن كيفيّة الغسل، وكأنه خصّ الرأس بالسؤال؛ لأنها موضع الإشكال في هذه المسألة؛ لأنها محلّ الشعر الذي يُخشى انتتافه، بخلاف بقية البدن غالبا انتهى كلام الحافظ (٣).

(وَهُوَ مُحْرِمٌ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ) الأنصاريّ - رضي اللَّه عنه - (يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ) أي الذي جعله ساترًا بينه وبين الناس (فَطَأْطَأَهُ) أي أزاله عن رأسه. وفي رواية ابن عيينة، عن زيد: "جمع ثيابه إلى صدره حتى نظرت إليه"


(١) -شرح مسلم ٨/ ٣٦٤.
(٢) -تقدّم للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- برقم -٢٢٥. في "الطهارة".
(٣) -راجع "الفتح" ٤/ ٥٣٣ - ٥٣٤.