السرطان لم يهتد، بل قد ضلّ ضلالاً بعيدًا، وأخطأ خطأ فاحشًا, وليس كلّ النجوم يُهتدى بها في كلّ طريق، فبطل التشبيه المذكور، ووضح كذب ذلك الحديث، وسقوطه وضوحًا ضروريًّا انتهى.
ونقل خلاصته ابن الملقّن في "الخلاصة" ١٧٥/ ٢ وأقرّه، وبه ختم على الحديث، وقال: وقال ابن حزم: خبر مكذوب، موضوع، باطل، لم يصحّ قط.
وروي هذا الحديث بلفظ آخر، وهو:
"أهل بيتي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم". وهو في نسخة أحمد بن نبيط الكذّاب.
وقد قال الذهبيّ في هذه النسخة: فيها بلايا، وأحمد بن إسحاق لا يحلّ الاحتجاج به، فإنه كذاب. وأقرّه الحافظ في "اللسان".
(وأما حديث:"اختلاف أمتي رحمة"): فلا أصل له، قال السبكي -رحمه اللَّه تعالى-: ليس بمعروف عند المحدّثين، ولم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع.
وأما قول السيوطيّ في "الجامع الصغير": ولعله خُرّج في بعض كتب الحفّاظ التي لم تصل إلينا. فمن أعجب ما يُسمع ويرى من أمثال السيوطيّ الجامع بين النقل والعقل، فهل نقول لكل حديث موضوع: فلعل له سندًا صحيحًا لم يصل إلينا، إن لهو العجب العجاب!.
وقال أبو محمد ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى- في "الأحكام في أصول الأحكام" ٥/ ٦٥ بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث: وهذا من أفسد قول يكون, لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطًا، وهذا ما لا يقوله مسلم, لأنه ليس إلا اتفاق، أو اختلاف، وليس إلا رحمة، أو سخط.
[فإن قيل]: إن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - قد اختلفوا، وهم أفاضل الناس، أفيلحقهم الذمّ المذكور؟.
[قلت]: أجاب عنه الإمام ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى-، فقال في كتابه المذكور ٥/ ٦٧ - ٦٨ - : كَلاّ ما يلحق أولئك شيء من هذا؛ لأن كلّ امرئ منهم تحرّى سبيل اللَّه، ووجهة الحقّ، فالمخطىء منهم مأجور أجرًا واحدًا؛ لنيته الجميلة في إرادة الخير، وقد رُفع عنهم الإثم في خطئهم؛ لأنهم لم يتعمّدوه، ولا قصدوه، ولا استهانوا بطلبهم، والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كلّ مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين، ولم يبلغه، وإنما الذمّ المذكور، والوعيد المنصوص لمن ترك التعلّق بحبل اللَّه تعالى، وهو القرآن، وكلام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد بلوغ النصّ إليه، وقيام الحجّة به عليه، وتعلّق