للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان النهي عن لبس الثياب المصبوغة بالورس والزعفران. (ومنها): أن فيه تحريم لبس هذه الأمور المذكورة، وما في معناها على المحرم، وهو مجمع عليه، فنبه بالقميص على كلّ مخيط معمول على قدر البدن، وبالسراويل على ما هو معمول على قدر عضو منه، وبالعمامة على الساتر للرأس، وإن لم يكن مخيطًا، وبالبرنس على الساتر له، وإن كان لبسه نادرًا، ومن ذلك يفهم تحريم ستر الرأس مطلقًا، وكذا يحرم ستر بعضه إذا كان قدرًا يقصد ستره لغرض، بخلاف الخيط ونحوه، ولا يضرّ الانغماس في الماء، والستر بكفه. وبالخفّ على كلّ ساتر للرجل من مداس، وجمجم، وجورب، وغيرها.

قال الحافظ وليّ الدين: ويقدح في دعوى الإجماع ما رواه سعيد بن منصور في "سننه" عن عطاء بن أبي رباح أنه رخّص للمحرم في لبس الخفّ في الدلجة. قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": ولا يعرف ذلك لغير عطاء، إلا أن الطحاويّ روى في "بيان المشكل" أن عمر - رضي اللَّه عنه - رأى على عبد الرحمن بن عوف - رضي اللَّه عنه - خفّين، وهو محرم، فقال: وخفّين أيضًا، وأنت محرم؟ فقال: فعلته مع من هو خير منك. قال العراقيّ: فلعلّ هذا مستند عطاء، ويحتمل عدم وجدان عبد الرحمن للنعلين انتهى (١).

(ومنها): أنه لا يجوز لبس الخفين المقطوعين إلا عند فقد النعلين، وهو الراجح من أقوال أهل العلم.

(ومنها): ما قال العلماء: الحكمة في تحريم اللباس المذكورة على المحرم، ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفّه، ويتّصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكّر أنه محرم في كلّ وقت، فيكون أقرب إلى كثرة ادكاره، وأبلغ في مراقبته، وصيانته لعبادته، وامتناعه من ارتكاب المحظورات، وليتذكّر به الموت، ولباس الأكفان، وليتذكّر البعث يوم القيامة، حفاة، عُراة، مهطعين إلى الداعي. ذكره وليّ الدين (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ٤٥ - ٤٦.
(٢) -المصدر المذكور ٥/ ٥٥.