للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القفّازين" مختلف في رفعه إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو أنه من كلام ابن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنهما، والذي مال إليه الحافظ العراقيّ، وتبعه الحافظ أن الأرجح الوقف.

لكن الذي يظهر أن البخاريّ يصحح الزيادة، فإنه أخرج الحديث من طريق الليث، عن نافع، مرفوعًا، ثم ذكر أنه تابع نافعا موسى بن عقبة، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة -وهو ابن أخي موسى بن عقبة- وجويرية بن أسماء، وابن إسحاق كلهم عن نافع في رفع النقاب والقفّازين، ثم ذكر مخالفة عبيد اللَّه لهم بوقفه، وأتبعه بأن مالكًا ذكر الانتقاب فقط موقوفًا، فظاهر هذا أنه يرى أن الرفع صحيح، لاتفاق هؤلاء الثقات، وأن هذا الخلاف لا يضرّهم.

وأيضًا فقد صرّح الترمذيّ بصحّة الحديث، فقال: حديث حسن صحيح، وكذا الحافظ أبو عمر، فقال في "الاستذكار": قال أبو عمر: قد روي عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه نهى المرأة الحرام عن النقاب، والقفّازين. روى الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قام رجل، فذكر رواية البخاريّ السابقة. قال أبو داود: روى هذا الحديث حاتم ابن إسماعيل، ويحيى بن أيوب، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما رواه الليث. ورواه أبو قُرّة موسى بن طارق، عن موسى بن عقبة، عن نافع، موقوفًا على ابن عمر.

قال أبو عمر: رفعه صحيحٌ، رواه ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

ورواه ابن المبارك، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا أيضًا انتهى كلام أبي عمر -رحمه اللَّه تعالى-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بهذا أن الذين رفعوه أكثر، وهم الليث بن سعد، ومحمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، وجويرية بن أسماء، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة.

وعبيد اللَّه، وإن كان أحفظ الحديث نافع من غيره، فاتفاق هؤلاء على الرفع يقدّم على وقفه؛ لأن الرفع معه زيادة علم، وأيضًا أن من وقف لا يعارض من رفع؛ لأن الرافع نقل الرواية, والواقف نقل الفتوى، ولا تنافي بينهما؛ لأن العالم يروي الحديث أحيانًا، ويفتي بمقتضى ما رواه أحيانًا.

والحاصل أن حديث: "ولا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفّازين" صحيح مرفوعًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أجمع أهل العلم على أن للمرأة المحرمة لبس القميص، والدرع، والسراويلات، والْخُمُر، والخفاف.

قال وليّ الدين: فدلّ النهي عن الانتقاب على تحريم ستر الوجه بما يُلاقيه، ويمسّه،