تابعي عن تابعيّ، وفيه سالم من الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وفيه عائشة - رضي اللَّه عنها - من المكثرين السبعة روت (٢٢١٠) أحاديث واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عَائِشَةَ) أمّ المؤمنين - رضي اللَّه تعالى عنها -، أنها (قَالَتْ:"طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية عروة عنها: "كنت أطيّب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -".
قال وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: حقيقة قولها: "كنت أطيب الخ" تطييب بدنه، ولا يتناول ثيابه، وقد دلّ على اختصاص ذلك ببدنه الرواية التي فيها: "حتى أجد وبيص الطيب في رأسه، ولحيته". وقد اتفق الشافعيّة على أنه لا يستحبّ تطييب الثياب عند إرادة الإحرام، وشذّ المتولي، فحكى قولاً باستحبابه، وصححه في "المحرّر"، و"المنهاج". وفي جوازه خلاف عندهم، والأصحّ الجواز، فإذا قلنا بجوازه، فنزعه، ثم لبسه، ففي وجوب الفدية وجهان، صحح البغويّ وغيره الوجوب انتهى كلام وليّ الدين.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لا دليل على منع تطييب الثياب عند الإحرام، والأعجب تصحيح البغويّ وجوب الفدية؛ فأين الدليل على ذلك من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع؟ واللَّه تعالى أعلم.
(عِنْدَ إِحْرَامِهِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ) أي وقت إرادته الإحرام (وَعِنْدَ إِحْلَالِهِ) أي عند إرادة إحلاله (قَبْلَ أَنْ يُحِلِّ) بضم أوله، وفتحه، من الإحلال، أو الحِلّ، كما تقدّم. أي قبل أن يحلّ كلّ الحلّ بالطواف، والمراد قبل أن يطوف بالبيت، ففي رواية القاسم عنها: "قبل أن يطوف بالبيت". وفي رواية عروة: "بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت" (بيَدَيَّ) متعلَّق بـ "طيّبتُ". زاد في رواية عروة: "طيباً لا يُشبه طيبكم". وفي رواية له: "بأطيب ما أجد"، وفي أخرى: "بطيب فيه مسك". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفق عليه.
[تنبيه]: قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: ما حاصله: هذا الحديث لم يُختلف فيه عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، والأسانيد متواترة به، وهي صحاح. وقال الإمام ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى- بعد ذكر جُمَل من طرقه عن عائشة: ما نصّه: فهذه آثار