للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه: رجل صالحٌ، صالح الحديث، من الثقات المأمونين، لم يكن بالشام رجلٌ يشبهه، وهو أحبّ إلينا من بقيّة. وقال ابن معين، والنسائيّ: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. وقال آدم بن أبي إياس: ما رأيت أحدًا أعقل لما يخرج من رأسه منه.

وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا خيرًا، لم يكن هناك أفضل منه. مات في أول رمضان سنة (٢٠٢) وكذا أرّخه ابن يونس، وقال: كان فقيههم في زمانه. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال الساجيّ: صدوق يهم، عنده مناكير. وقال العجليّ: ثقة. وروى ضمرة عن الثوريّ، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر: "من ملك ذا رَحِمٍ مَحْرَم، فهو عتيق". أنكره أحمد، وردّه ردًّا شديدًا، وقال: لو قال رجل: إن هذا كذب لما كان مخطئًا. وأخرجه الترمذيّ، وقال: لا يُتابع ضمرة عليه، وهو خطأ عند أهل الحديث.

روى له البخاريّ في "الأدب المفرد" والباقون إلا مسلمًا، وروى له المصنّف برقم ٢٦٨٨ و ٣١٧٦ و ٣٨٧٧ و ٤٧٣٠ و ٤٨٠٥ و ٥٧٣٦.

وقوله: "تعني ليس له بقاء" هكذا فسّره بعض الرواة، ولم يُعلم التفسير ممن هو؟، وهذا التفسير غير صحيح، لمنافاته لسياق رواياتها المختلفة، كقولها: "كأني انظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، وكقولها: "بطيب فيه مسك"، وقولها: "بأطيب الطيب"، وغير ذلك، بل الصحيح في تفسيره، كما يدلّ عليه سياق الروايات أنه أطيب من طيبكم، وأحسن، وقد تقدّم نحو هذا في كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-.

وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "تعني ليس له بقاء". يحتمل أن الضمير لطيب الناس، أي طيبكم الذي تستعملونه عند الإحرام ليس له بقاء، بخلاف طيّب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فهو كان باقيًا بعد الإحرام، كما سيجيء. أو لطيب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، والتفسير على زعم الراوي، وإلا فقد تبيّن خلافه، وهي أرادت بقولها: "ليس يشبه طيبكم" أي كان أطيب من طيبكم، أو نحو هذا، لا ما فهم الراوي، واللَّه تعالى أعلم انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الأول أشبه بمقضى سياق رواياتها، وأقرب إلى الصواب. والحديث صحيح الإسناد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٦٨٩ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ طَيَّبْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ قَالَتْ: "بِأَطْيَبِ الطِّيبِ, عِنْدَ حُرْمِهِ, وَحِلِّهِ").


(١) -"شرح السنديّ" ٥/ ١٣٧ - ١٣٨.