للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحسنهم، وأتمهم سياقًا هو جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وأتم المحدّثين سوقًا لحديثه هو الإمام مسلم -رحمه اللَّه تعالى-، حيث ساقه مساقًا واحدًا, ولم يقتصر على بعض أجزائه، كما فعل الأئمة الآخرون، كالبخاريّ، والمصنّف، وبقية أصحاب الكتب، فإنهم يسوقون منه محلّ الاحتجاج لما يريدن الاحتجاج به، وحيث كانت رواية مسلم أتمّ أحببت أن أذكرها هنا تميمًا للفائدة، وتكميلاً للعائدة، ولتسهل الإحالة عليه فيما يأتي، إن شاء اللَّه تعالى، قال -رحمه اللَّه تعالى-:

١٢١٨ - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحق بن إبراهيم جميعا، عن حاتم، قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسمعيل المدني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد اللَّه، فسأل عن القوم، حتى انتهى إليّ، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي، وأنا يومئذ غلام شابّ، فقال: مرحبا بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته، وهو أعمى، وحضر وقت الصلاة، فقام في نِسَاجة (١)، ملتحفا بها، كلما وضعها على منكبه، رجع طرفاها إليه، من صغرها، ورداؤه إلى جنبه، على المِشْجَب (٢)، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال بيده، فعقد تسعا، فقال: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، مكث تسع سنين، لم يحجّ، ثم أَذَّنَ في الناس في العاشرة، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حاجٌّ، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس، أن يأتم برسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كيف أصنع؟ قال: "اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي"، فصلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في المسجد، ثم ركب القصواء (٣)، حتى إذا استوت به ناقته، على البيداء، نظرتُ إلى مد بصري، بين يديه من راكب، وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء، عملنا به، فأهل بالتوحيد، "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك، لا شريك لك"، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يردّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عليهم، شيئا منه، ولزم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - تلبيته، قال جابر - رضي اللَّه عنه -: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل


(١) -بكسر النون، وتخفيف السين: ثوب ملفّق على هيئة الطيلسان.
(٢) بكسر فسكون: هي خشبات موثقة، تُنصَب، فينشر عليها الثياب. اهـ"المصباح".
(٣) اسم ناقة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -.