(وَإذا فَاطِمَةُ)"إذا" هنا هي الفجائيّة، أي ففاجأ عليًّا - رضي اللَّه عنه - كون فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها - الخ (قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا) أي لأنه لا يلبسه من أحرم رجلاً كان، أو امرأة، وهذا محلّ الترجمة، حيث يدلّ عَلى تحريم لبس المصبوغ في حالة الإحرام، ووجه دلالته عليه أن عليًّا - رضي اللَّه عنه - أنكر على فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها - لبسها الصبيغ، وذكر ذلك للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأقرّه على إنكاره ذلك، إلا أنه بَيَّنَ له جواز ذلك لها، حيث تحللت من إحرامها. واللَّه أعلم.
(وَاكْتَحَلَتْ، قَالَ) عليّ - رضي اللَّه عنه - (فَانْطَلَقْتُ) أي ذهبت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (مُحَرِّشًا) اسم فاعل من التحريش، وهو الإغراء، والمراد به هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. وفي رواية مسلم:"محرّشًا على فاطمة للذي صنعتْ"(أَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي أطلب منه الفتيا فيما فعلت فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها -. وفي رواية مسلم:"مستفتيًا لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها"(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَبسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا) أي مصبوغًا لا يحلّ لها أن تلبسه؛ حيث إنها محرمة (وَاكْتَحَلَتْ) أي اسَتعملت الكحل في عينها، وهو أيضًا لا يحلّ لها لما ذُكر (وَقَالَتْ: أَمَرَنِي بهِ أَبِي - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي نسخة: "أمرني به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "، وفي أخرى:"أمرني النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -".
تعني أنه أمرها - صلى اللَّه عليه وسلم - بما فعلت من لبس الصبيغ، والاكتحال، حين أمر أصحابه بالإحلال بعمل العمرة، حيث قال لهم حين قالوا: أيّ الحلّ؟، قال:"الحلّ كلّه"(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، صَدَقَتْ) كرّره ثلاثًا للتوكيد، وهي رواية مسلم تكراره مرَّتين (أَنَا أَمَرْتُهَا) بما فعلت، هكذا اختصر المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- حديث جابر، وقد سقته من رواية مسلم فيما تقدّم -وللَّه الحمد-، وسيذكره المصنّف مقطّعًا في أبواب كثيرة، وسأشرح ما لم يُشرح ههنا في مواضعه، تكميلاً للفائدة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤٦/ ٢٦٧١٢ و ٥١/ ٢٧٤٠ و ٥٢/ ٢٧٤٣ و ٢٧٤٤ و ٥٣/ ٢٧٤٦ و ٥٦/ ٢٧٥٦ و ٥٨/ ٢٧٦٣ و ٧٣/ ٢٧٩٨ و ٧٧/ ٢٨٠٥ و ١٠٨/ ٢٨٧٢ و ١٤٩/ ٢٩٣٩ و ١٥٤/ ٢٩٤٤ و ١٦٣/ ٢٩٦١ و ٢٩٦٢ و ١٦٤/ ٢٩٦٣ و ١٦٨/ ٢٩٦٩ و ٢٩٧٠ و ١٦٩/ ٢٩٧١ و ١٧٠/ ٢٩٧٢ و ١٧١/ ٢٩٧٣ و ١٧٢/ ٢٩٧٤ و ١٧٣/ ٢٩٧٥ و ١٧٨/ ٢٩٨١ و ٢٩٨٢