الشرائط التي ذكرها ابن قدامة، فلم أر ما يدل على ثبوتها من الأحاديث الصحيحة وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالتلحي، ونهى عن الاقتعاط (١) فلم يذكر ابن قدامة سنده، ولم يذكر تحسينه، ولا تصحيحه عن أحد من أئمة الحديث، ولم أقف على سنده، ولا على من حسنه، أو صححه فالله أعلم كيف هو؟ وأما ما رواه في توقيت المسح على العمامة ففي إسناده شهر بن حوشب الأشعري الشامي مولى أسماء بنت يزيد بن السكن صدوق كثير الإرسال والأوهام، كذا في التقريب.
وقد أخرجه الطبراني أيضا، وفي إسناده مروان أبو سلمة، وقد عرفت أن البخاري قال: إنه منكر الحديث، وقال ابن أبي حاتم: ليس بالقوي، وقد عرفت أيضا أنه سئل أحمد بن حنبل، عن هذا الحديث، فقال: ليس بصحيح، اهـ كلام المباركفوري جـ ١/ ص ٣٤٨.
وقال الحافظ المحقق أبو محمَّد بن حزم الظاهري في كتابه "المُحَلَّى":
وكل ما لُبسَ على الرأس من عمامة أو خمار، أو قلنسوه، أو بيضة، أو مغفرة، أو غير ذلك أجزأ المسح عليها، المرأةُ والرجلُ سواء في ذلك، لعلة أو غير علة.
برهان ذلك حديث المغيرة الذي ذكرنا آنفا -يعني حديث "أن رسول الله توضأ فمسح بناصيته، ومسح على الخفين، ومسح على العمامة"- وهو حديث صحيح.
ثم ذكر بسنده إلى أحمد بن حنبل، قال: حدثني الحكم بن موسى، ثنا بشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف، حدثني عمرو بن أمية الضمري "أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والعمامة".
(١) الاقتعاط أن لا يكون تحت الحنك منها شيء اهـ المغني.