للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جويرية الآتية: "لما نزل الجيش بابن الزبير قبل أن يُقتل". وفي رواية للبخاريّ: "ليالي نزل الجيش بابن الزبير"، وفي رواية له: "في الفتنة"، وفي رواية له: "أراد ابن عمر الحجّ عام حجّ الحروريّة". قال الحافظ: قوله في هذه الرواية: "عام حجة الحرورية"، وفي رواية الكشميهني: "حجّ الحرورية في عهد ابن الزبير" مغايل لقوله في "باب طواف القارن" من رواية الليث، عن نافع: "عام نزل الحجاج بابن الزبير"؛ لأن حجة الحرورية كانت في السنة التي مات فيها يزيد بن معاوية، سنة أربع وستين، وذلك قبل أن يتسمّى ابن الزبير بالخلافة، ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين, وذلك في آخر أيام ابن الزبير، فإما أن يُحمل على أن الراوي أطلق على الحجاج، وأتباعه حرورية؛ لجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحقّ، وإما أن يُحمل على تعدّد القصّة. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وكان من شأن الزبير أنه لما مات معاوية بن يزيد ابن معاوية، ولم يستخلف، بقي الناس لا خليفة لهم جمادين، وأيامًا، من رجب، من سنة أربع وستين، فاجتمع من كان بمكة من أهل الحلّ والعقد، فبايعوا عبد اللَّه بن الزبير لتسع ليال بقين من رجب من السنة المذكورة، واستوسق له سلطان الجحاز، والعراق، وخراسان، وأعمال المشرق، وبايع أهل الشام، ومصر مروان بن الحكم في شهر رجب المذكور، ثم لم يزل أمرهما كذلك إلى أن توفّي مروان، وولي ابنه عبد الملك، فمنع الناس من الحجّ لئلا يبايعوا ابن الزبير، ثم إنه جيّش الجيوش إلى الحجاز، وأمّر عليهم الحجّاج، فقاتل أهل مكة، وحاصرهم إلى أن تغلّب عليهم، وقتل ابن الزبير، وصلبه، وذلك يوم الثلاثاء، لثلاث ليال، وقيل: لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين انتهى (٢).

(فَقِيلَ لَهُ) أي لابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -. وقع في رواية البخاريّ من طريق أيوب، عن نافع، أن القائل هو ولده عبد اللَّه بن عبد اللَّه، ولفظه: "قال عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه عنهما - لأبيه: أقم، فإني لا آمن أن ستُصدّ عن البيت … ". وفي رواية جويرية، عن نافع: أن عبد اللَّه بن عبد اللَّه، وسالم بن عبد اللَّه أخبراه أنهما كلما عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - ليالي نزل الجيش بابن الزبير، فقالا: لا يضرّك أن لا تحجّ العام، إنا نخاف أن يحال بينك وبين البيت … (إِنَّهُ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ) أي بين جيش ابن الزبير وجيش الحجاج (قِتَالٌ) بالرفع على أنه فاعل "كائن" (وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ) أي يمنعوك عن الوصول إلى البيت، وأداء نسكك (قَالَ) ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - ({لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) بضم الهمزة، وكسرها، وقد


(١) - "فتح" ٤/ ٣٧٢.
(٢) - "المفهم" ٣/ ٣٥٥ - ٣٥٦.