للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قرئ بهما في الآية

المذكورة. قاله القرطبيّ. أي قدوة حسنة (إِذًا أَصْنَعَ) بالنصب بـ "إذن"؛ لوجود شروط عملها التي أشار إليها ابن في "الخلاصة" بقوله:

وَنَصَبُوا بِـ "إِذَنٍ" الْمُسْتَقْبَلا … إِنْ صُدَّرَتْ وَالْفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلَا

أَوْ قَبْلَهُ الْيَمِينُ وَانْصِبْ وَارْفَعَا … إِذَا "إِذَنْ" مِنْ بَعْدِ عَطْفٍ وَقَعَا

(كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) "ما" اسم موصول، أي كالذي صنعه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو حرف مصدريّ، أي كصنعه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يعني أنه إن صُدّ عن البيت حلّ من إحرامه، كما حلّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، حين أُحصر بالحديبية؛ إذ صدّه المشركون عن البيت.

وقال النوويّ: وأما قوله: "صنعنا كما صنعنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ": فالصواب في معناه أنه أراد إن صددت، وحُصرت تحللت كما تحللنا عام الحديبية مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وقال القاضي: يحتمل أنه أراد أُهِلّ بعمرة كما أَهلّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعمرة في العام الذي أُحصر.

قال: ويحتمل أنه أراد الأمرين، قال: وهو الأظهر. وليس بظاهر كما ادعاه، بل الصحيح الذي يقتضيه سياق كلامه ما قدّمناه انتهى.

وفي رواية جويرية: "فقال: "خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فحال كفّار قريش دون البيت، فنحر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هديه، وحدق رأسه، وأُشهدكم أني قد أوجبت العمرة إن شاء اللَّه، أنطلق، فإن خُلّي بيني وبين البيت طُفت، وإن حِيل بيني وبين البيت فعلت ما فعل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأنا معه … ".

(إِنّي) بكسر الهمزة (أُشْهِدُكمْ، أَنَّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً) أي ألزمت نفسي ذلك، والإيجاب هنا معناه الإلزام، وإنما قال ذلك لتعليم من أراو الاقتداء به، فإن الإشهاد في مثل هذا لا يحتاج إليه، ولا التلفظ بذلك، والنية كافية في صحة الإحرام. قاله وليّ الدين.

وفي رواية جويرية عند البخاريّ: "فأهلّ بالعمرة من ذي الحليفة وفي رواية أيوب: "فأهل بالعمرة من الدار". والمراد بالدار المنزل الذي نزله بذي الحليفة.

ويحتمل أن يُحمل على الدار التي بالمدينة، ويُجمع بأنه أهلّ بالعمرة من داخل بيته، ثم أعلن بها، وأظهرها بعد أن استقرّ بذي الحليفة. قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الاحتمال الثاني ضعيف، بل باطل, لأن رواية المصنّف الآتية ١٤٤/ ٢٩٣٣ من طريق أيوب السختياني، وأيوب بن موسى، وعبيد اللَّه كلهم، عن نافع، مصرّحة بما يزده، ولفظه: "قال: خرج عبد اللَّه بن عمر، فلما أتى ذا الحليفة، أهلّ بالعمرة، فسار قليلاً … "، فظهر بهذا أن الاحتمال الذي ذكروه في تفسير