للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحدًا": أي ما طافوا طواف الفرض إلا طوافًا واحدًا، هو طواف الإفاضة، والذي طافوا أولاً كان طواف القدوم الذي هو من السنن, لا من الفرائض، بخلاف الذين حلّوا، فإنهم طافوا أوّلاً فرض العمرة، ثم فرض الحجّ، فطافوا طوافين للفرض، ولم ترد أن الذين جمعوا ما طافوا أوّلاً حين القدوم، أو ما طافوا آخرًا بعد الرجوع من منى، كما يفيده ظاهر الكلام، كيف والنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كان من الذين جمعوا على التحقيق، وعلى مقتضى هذا الحديث؛ لأنه كان معه الهدي البتّة، وقد ثبت أنه طاف أوّلاً حين قدم، وطاف ثانيًا طواف الافاضة، حين رجع من منى، بل لعله ما ثبت أن أحدًا ترك الطواف عند القدوم، ولا طواف الإفاضة، فلا فرق بين الطائفتين، إلا بصفة الافتراض، فطواف من حلّ كان مرَّتين فرضًا، وطواف من لم يحلّ كان مرّة فرضًا. واللَّه أعلم.

والحاصل أن إحدى الطائفتين طافوا طوافين للنسكين، والثانية طافوا لهما واحدًا انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا التأويل الذي قاله السنديّ -رحمه اللَّه تعالى- في معنى حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - المذكور تأويل نفيسٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم في -١٦/ ٢٦٥٠ - وتقدّم تخريجه هناك، فراجعه، تستفد، ونذكر هنا بعض الفوائد التي اشتمل عليها:

(فمنها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان أن المرأة المعتمرة إذا حاضت، وخافت فوت الحجّ أدخلت الحج على عمرتها، فصارت قارنة. (ومنها): مشروعيّة حجّ الرجل مع زوجته. (ومنها): أن من ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله. (ومنها): أن الحائض تنقض ضفر رأسها، وتمتشط، وتغتسل للإهلال بالحجّ. (ومنها): أن من كان بمكة، وأراد العمرة فلا بدّ من خروجه إلى الحلّ، وأدناه التنعيم. (ومنها): أن المتمتّع لا بدّ له من طوافين، وسعيين. (ومنها): أن القارن يطوف طوافًا واحدًا، وسعيًا واحدًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".