للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على البقرة لما ساغ عطفها؛ لأن المعطوف غير المعطوف عليه. وفي الحديث ما يدلّ عليه، قال: "اشتركنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحجّ، والعمرة، سبعة منا في بدنة، فقال رجل لجابر: أنشترك في البقرة ما نشترك في الجزور؟، فقال: ما هي إلا من البدن". والمعنى في الحكم، إذ لو كانت البقرة من جنس البدن لما جهلها أهل اللسان، ولَفُهِمَت عند الإطلاق أيضًا.

والجمع بَدَنَات، مثل قَصَبَة وقصَبَات، وبُدُن، أيضًا بضمتين، وإسكانُ الدال تخفيفٌ، وكأن البُدُن جمع بَدِين تقديرًا، مثل نذير ونُذُر، قالوا: وإذا أُطلقت البدنة في الفروع، فالمراد البعير ذكراً كان، أو أنثى انتهى كلام الفيّومي (١).

(مِنَ الْجَانِبِ الأَيْمَنِ) وفي الرواية الآتية في الباب التالي: فأشعر في سنامها من الشقّ الأيمن"، وفي -٦٧/ ٢٧٨٢ - : "أشعر الهدي في جانب السنام الأيمن". وفي رواية مسلم: "فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن".

و"الصفحة": الجانب، و"السنام": أعلى ظهر البعير، و"الأيمن" صفة "صفحة"، وذكّره لمجاورته لـ"سنام"، وهو مذكّر، أو على تأويل "صفحة" بجانب. وبه جزم النوويّ، حيث قال: وصف لمعنى صفحة، لا للفظها. ثم قال: وأما محلّ الإشعار، فمذهبنا، ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أنه يستحبّ الإشعار في صفحة السنام اليمنى. وقال مالك: في اليسرى. وهذا الحديث يردّ عليه انتهى كلام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

(وَسَلَتَ) بمهملة، ولام، ثم مثناة (الدَّمَ عَنْهَا) أي مسحه، وأماطه، وأزاله عن صفحة سنامها. زاد في رواية أبي داود: "بيده". وفي أخرى عنده: "بأصبعه". قال الخطابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: سلت الدم بيده: أي أماطه بإصبعه، وأصل السلت: القطع، يقال: سلت اللَّه أنف فلان -أي من باب قتل-: أي جدعه انتهى (وَأَشْعَرَهَا) هكذا نسخ المجتبى" "وأشعرها"، والذي في "الكبرى": "وقلّدها". والظاهر أن الذي في "المجتبى" خطأٌ، والصواب ما في "الكبرى"؛ لأمرين:

[أحدهما]: أنه مكرّر مع قوله: "أشعر بدنه"، فلا فائدة فيه.

[والثاني]: أن الذي في "الكبرى" موافق لما في الباب التالي، ولما يأتي في ٦٧/ ٢٧٨٢ - ، وهو الموافق لما في "صحيح مسلم"، ففي كلها: "وقلّدها نعلين". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - راجع "المصباح المنير" في مادة بدن.
(٢) - "شرح مسلم" ٨/ ٤٥٢.