بعض الروايات بلفظ "ويحك" بدل "ويلك". قال الهرويّ:"ويل" يقال لمن وقع في هلكة يستحقّها، و"ويح" لمن وقع في هلكة لا يستحقّها انتهى (١)(فِي الثَّانِيَةِ، أوْ فِي الثَّالِثَةِ) ووقع في رواية همام عند مسلم: "ويلك اركبها، ويلك اركبها". ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق، والثوريّ، كلاهما عن أبي الزناد، ومن طريق عجلان، عن أبي هريرة، قال:"اركبها ويحك"، قال: إنها بدنة، قال:"اركبها ويحك". زاد أبو يعلى من رواية الحسن:"فركبها"، إلا أنها ضعيفة. وللبخاريّ من طريق عكرمة، عن أبي هريرة - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فلقد رأيته راكبها، يساير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والنعل في عنقها".
قال الحافظ: وتبيّن بهذه الطرق أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام، ولو كان المراد مدلولها اللغويّ لم يحصل الجواب بقوله: إنها بدنة؛ لأن كونها من الإبل معلوم، فالظاهر أن الرجل ظنّ أنه خفي كونها هديًا، فلذلك قال: إنها بدنة. والحقّ أنه لم يخف ذلك على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لكونها كانت مقلّدة، ولهذا قال له لما زاد في مراجعته:"ويلك" انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٧٤/ ٢٧٩٩ - وفي "الكبرى" ٧٣/ ٣٧٨١. وأخرجه (خ) في "الحجّ" ١٦٨٩ و ١٧٠٦ و"الوصايا" ٢٧٥٥ و"الأدب" ٦١٦٠ (م) في "الحج" في "الحج" ١٣٢٢ (د) في "المناسك" ١٧٦٠ (ق) ٣١٠٣ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٤٠٤ و ٧٦٧٩ و ٢٧٣٣٩ و ٩٦٦٣ و ٩٧٧٧ و ٩٨٣٦ و ٩٨٧٣ و ٩٩٤٢ و ١٠١٨٨ (الموطأ) في "الحج" ٨٤٨. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعية ركوب البدنة، مطلقًا، سواء كان واجبًا، أو متطوعًا به؛ لكونه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك، فدلّ على أن ذلك لا يختلف بذلك. وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث عليّ: "أنه سئل، هل يركب الرجل هديه؟ فقال: لا بأس، قد كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يمرّ