بالعارية. وحكى ابن المنذر عن الشافعيّ أنه قال: له أن يحمل المعيي، والمضطرّ على هديه. ونقل القاضي عياض الإجماع على منع إجارتها؛ لأنها بيع للمنافع.
(ومنها): أن بعضهم ألحق بالهدايا في ذلك الضحايا، فله أن يركبها إذا احتاج إلى ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم ركوب الهدايا:
اختلفوا في هذا على مذاهب:
(أحدها): الجواز مطلقًا. حكاه ابن المنذر عن عروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق. وكذا حكاه النوويّ في "شرحي مسلم، والمهذب" عنهم، وعن مالك في رواية, وعن أهل الظاهر. وحكاه الخطابيّ عن أحمد، وإسحاق، وصرّح عنهما بأنهما لم يشترطا منه حاجة إليه. وهذا هو الذي جزم به الرافعيّ، والنوويّ في "الروضة" في "كتاب الضحايا". وحكاه النوويّ في "شرح المهذّب" عن الماورديّ، والقفال.
(الثاني): الجواز بشرط الاحتياج لذلك، ولا يركبها من غير حاجة. قال النوويّ في "شرح مسلم": إنه مذهب الشافعيّ، ونقله في "شرح المهذّب" عن تصريح الشيخ أبي حامد، والبندنيجيّ، والمتولّي، وصاحب "البيان"، وآخرين، قال: وهو ظاهر نصّ الشافعيّ، فإنه قال: يركب الهدي إذا اضطرّ إليه.
وتقييد الجواز بشرط الحاجة هو المشهور من مذهب مالك، وأحمد. وجزم المجد ابن تيمية في "المحرّر" بجواز ركوبها مع الحاجة ما لم يضر بها، وبهذا قال ابن المنذر، وجماعة، ورواه ابن أبي شيبة عن الحسن البصريّ، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وحكاه الترمذيّ عن الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
(الثالث): الجواز بشرط الاضطرار لذلك، نقله ابن المنذر عن الشافعيّ، فقال: وقال الشافعيّ: يركبها إذا اضطرّ ركوبًا، غير قادح، ولا يركبها إلا من ضرورة. وكذا حكى الخطابيّ عن الشافعيّ، ورواه مالك في "الموطإ" عن عروة بن الزبير. وقال ابن المنذر في "الإشراف": وقال أصحاب الرأي: لا يركبها، وإن احتاج، ولم يجد منه بدًّا حمل عليه، وركبه. وروى ابن أبي شيبة عن الشعبيّ، قال: لا يركب البدنة، ولا يحمل عليها إلا مِنْ أَمْرٍ لا يجد منه بدًّا. وحكاه الخطابيّ عن الثوريّ. وقال ابن عبد البرّ: الذي ذهب إليه مالك، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وأصحابهم، وأكثر الفقهاء كراهية ركوب الهدي من غير ضرورة انتهى.
(الرابع): منع ركوبها مطلقًا. قال ابن المنذر: وقال الثوريّ في قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} قال: الولد، واللبن، والركوب، فإذا سُمِّيت بدنًا ذهبت المنافع. وروى ابن أبي