للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) عليّ - رضي اللَّه عنه - (بمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) "ما" هنا موصولة، أي بمثل الإهلال الذي أهلّ به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -.

وفيه جواز تعليق الإحرام بإحرام غيره، كأن يقول: أهللت بما أهلّ به فلان، وقد تقدم البحث عنه مستوفًى (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَأَهْدِ) أي انحر هديًا؛ لأنه واجب عليك، لكونك قارنا، وفيه وجوب الهدي على القارن، وفيه ردّ على ابن حزم، حيث قال: لا يجب الهدي على القارن، وإنما هو على المتمتّع؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية. والظاهر أنه ما انتبه لهذه الرواية, وإلا لما قال ذلك. واللَّه تعالى أعلم.

(وَامْكُثْ حَرَامًا) منصوب على الحال، أي حالي كونك محرمًا (كَمَا أَنْتَ) أي على ما أنت عليه، فالكاف بمعنى "على"، أو هي للتشبيه، كن في مستقبلك مثل حالك فيما مضى وقد تقدم تمام البحث في هذا (قَالَ) جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - (وَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ) بن مالك بن عمرو بن تيم بن مُدلج ابن مرّة بن عبد مناة بن كنانة الكنانيّ المدلجيّ، وقد ينسب إلى جده، يكنى أبا سفيان، كان ينزل قُدَيدًا. روى البخاريّ قصّته في إدراكه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لَمّا هاجر إلى المدينة، ودعا النبيّ عليه حتى ساخت رجلا فرسه، ثم إنه طلب منه الخلاص، وأنه لا يدلّ عليه، ففعل، وكتب له أمانًا، وأسلم يوم الفتح، ورواها أيضًا من طريق البراء بن عازب، عن أبي بكر الصدّيق - رضي اللَّه عنه -. وفي قصّة سراقة مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول سراقة مخاطبًا لأبي جهل [من الطويل]:

أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا … لأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسُوخُ قَوَائِمُهْ

عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأنَّ مُحَمَّدًا … رَسُولٌ بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهْ

وقال ابن عيينة، عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لسراقة ابن مالك: "كيف بك إذا لبست سِوَارَيْ كسرى؟ "، قال: فلما أُتي عمر بسواري كسرى، ومنطقته، وتاجه، دعا سراقة، فألبسه، وكان رجلاً أزبّ (١)، كثير شعر الساعدين، فقال له: ارفع يديك، قل: اللَّه أكبر، الحمد للَّه الذي سلبهما كسرى بن هُرْمُز، وألبسهما سراقة الأعرابيّ. وروى ذلك عنه ابن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم. وروى عنه أيضًا ابن عباس، وجابر، وسعيد ابن المسيّب، وطاوس. قال أبو عمر: مات في خلاف عثمان سنة (٢٤) وقتل من بعده عثمان (٢).


(١) أي كثير شعر الصدر. قاله في "المصباح".
(٢) - راجع الإصابة ج ٤/ ١٢٧ - ١٢٨.