للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديثه هذا، فهو عنده إما حسن، أو صحيح، وصححه الحاكم في "المستدرك"، وقال: إنه على شرط الشيخين. ولكن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب لم يخرج له واحد من الشيخين في "صحيحه".

وهذا يدلّ على أن الحاكم لا يريد بكونه على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما، كما ذكره جماعة؛ لأنه لا يجهل كون الشيخين لم يخرجا للمطلب، فدلّ على أن مراده أن يكون راويه في كتابيهما، أو في طبقة من أخرجا له.

نعم أعلّ الترمذيّ هذا الحديث بالانقطاع بين المطلب وبين جابر، فقال: لا يُعرف له سماع منه. وكذا قال أبو حاتم، وقال البخاريّ: لا أعرف للمطلب سماعًا من أحد من الصحابة، إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وقال الدارميّ مثله. ذكره السيوطيّ في شرحه (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قول وليّ الدين: وهذا يدلّ على أن الحاكم الخ" فيه نظر لا يخفى، بل ما ذكره الجماعة هو الصواب، وقوله: "لأنه لا يجهل الخ" هذا استدلال غريب،، فقد صحح الحاكم أحاديث في أسانيدها راوة متروكون أو وضاعون، فهل يجاب عنه بمثل هذا؟، هذا شيء عجيب!!!. واللَّه تعالى أعلم.

وقال ابن التركمانيّ -رحمه اللَّه تعالى- في معرض ردّه على البيهقيّ في تقويته حديث جابر هذا: ما نصّه: فالحديث في نفسه معلول، عمرو بن أبي عمرو مع اضطرابه في هذا الحديث متكلم فيه، قال ابن معين، وأبو داود: ليس بالقويّ، زاد يحيى: وكان مالك يستضعفه. وقال السعديّ مضطرب الحديث. والمطلب قال فيه ابن سعد: ليس يحتجّ بحديثه؛ لأنه يرسل عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كثيرًا، وعامة أصحابه يدلسون، ثم الحديث مرسل، قال الترمذيّ: المطلب لا يعرف له سماع من جابر.

فظهر بهذا أن الحديث فيه أربع علل:

(إحداها): الكلام في المطّلب. (ثانيتها): أنه ولو كان ثقة، فلا سماع له من جابر، فالحديث مرسل. (ثالثتها): الكلام في عمرو. (رابعتها): أنه وإن كان ثقة، فقد اختلف فيه، فقيل: عنه، عن المطّلب بن عبد اللَّه، عن جابر. وقيل: عنه عن رجل من بني سلمة، عن جابر. ورواه الطحاويّ من وجه آخر، عن المطّلب، عن أبي موسى. انتهى كلام ابن التركمانيّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا


(١) - "زهر الربى" ٥/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) - راجه "الجوهر النقيّ في الردّ على البيهقيّ" ٥/ ١٩١.