للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "الكبرى": "أو يُصَد لكم" بحذف الألف من الوسط، وهو الجادّة.

قال الحافظ السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "حاشية أبي داود": كذا في النسخ -يعني "أو يصاد" بالألف، والجاري على قوانين العربية: "أوْ يُصَدْ"؛ لأنه معطوف على المجزوم.

ونقل في شرحه لهذا الكتاب عن الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-، قال: هكذا رواية "يُصاد" بالألف، وهي جائزة، على لغة، ومنه قول الشاعر [من الرجز]:

إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلَّقِ … وَلَا تَرَضَّاهَا وَلَا تَمَلَّقِ (١)

وقوله [من الطويل]:

أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي … بِمَا لَاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ

وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرحه": قلت: والوجه نصب "يصاد" على أن "أو" بمعنى "إلاَّ"، فلا إشكال. انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله السنديّ وجه حسن، لو ساعدته الرواية, والذي يفهم من كلام وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-، أن الرواية بالجزم مع إثبات الألف، فإذا كان كذلك، فلا وجه لتوجيهه بالنصب؛ لأن الرواية هي المعتمدة، فما قاله وليّ الدين هو المتعيّن. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(قَالَ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، لَيْسَ بِالْقَوِيَّ فِي الْحَدِيثِ، وَإنْ كَانَ قَدْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف بهذا تضعيف هذا الحديث، من أجل عمرو بن أبي عمرو، فقط، لكن الذي يظهر لي أن تضعيف الحديث ليس قاصرًا على عمرو هذا، فإن عمرًا وثّقه كثير من أهل العلم، كما تقدم في ترجمته، فليس ضعف الحديث بسببه فقط، وإنما ضعف الحديث من وجوه أخرى أيضًا، سنذكرها قريبًا.

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: قد تبع النسائيَّ على هذا ابنُ حزم، فقال: خبر جابر ساقط؛ لأنه عن عمرو، وهو ضعيف، وقد سبقهما إلى تضعيفه يحيى بن معين، وغيره، لكن وثّقه أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن عديّ، وغيرهم، وأخرج له الشيخان في "صحيحيهما"،، فوجب قبول خبره، وقد سكت أبو داود على


(١) - وبعده:
وَاعْمِدْ لأُخْرَى ذَاتِ دَلٍّ مُونِقِ … لَيِّنَةِ الْمَسَّ كَمَسِّ الْخِرْنِقِ
(٢) - "شرح السندي" ٥/ ١٨٧.