وفي رواية: ومن يشكّ فيها؟. وتعقبه ابن عبد البرّ بما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق شعبة أنه سأل الحكم، وحمادًا؟ فقالا: لا يقتل المحرم الحية، ولا العقرب. قال: ومن حجتهما أنهما من هوامّ الأرض، فيلزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوامّ، وهذا اعتلال لا معنى له. نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية، والعقرب التي لا تتمكن من الأذى.
(وَالْفَاْرَةُ) بهمزة ساكنة، ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم، إلا ما حكي عن إبراهيم النخعيّ، فإنه قال: فيها جزاء، إذا قتلها المحرم.
أخرجه ابن المنذر. وقال: هذا خلاف السنة، وخلاف قول جميع أهل العلم.
وروى البيهقيّ بإسناد صحيح عن حماد بن زيد، قال: لما ذكروا له هذا القول: ما كان بالكوفة أفحش ردًّا للآثار من إبراهيم النخعيّ؛ لقلة ما سمع منها, ولا أحسن اتباعاً لها من الشعبيّ؛ لكثرة ما سمع.
ونقل ابن شاس عن المالكيّة خلافًا في جواز قتل الصغير منها الذي لا يتمكن من الأذى.
والفار أنواع: منها الْجُرَذ -بالجيم، بوزن عُمَر. والْخُلْد -بضم المعجمة، وسكون اللام-. وفأرة الإبل، وفأرة السمك، وفأرة الغيط. وحكمها في تحريم الأكل، وجواز القتل سواء. وسيأتي إطلاق اسم الفويسقة عليها في -٨٨/ ٢٨٤٥ - ووقع في حديث أبي سعيد عند ابن ماجه: قيل له: لم قيل للفأرة فويسقة؟ فقال: لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - استيقظ لها، وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت. وقيل: إنما سميت بذلك لأنها قطعت حبال سفينة نوح - عليه السلام -. واللَّه تعالى أعلم.
(وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) الكلب معروف، والأنثى كلبة، والجمع أكلُب، وكلاب، وكَليب -بالفتح، كأعبد، وعِباد، وعَبيد. وفي الكلب بهيمية، وسبعية، وفيه منافع للحراسة، والصيد كما سيأتي في بابه، إن شاء اللَّه تعالى.
وفيه من اقتفاء الأثر، وشمّ الرائحة، وخفّة النوم، والتودّد، وقبول التعليم ما ليس لغيره. وقيل: إن أول من اتخذه للحراسة نوح - عليه السلام -.
و"العقور" -بفتح العين- مبالغة عاقر، وهو الجارح المفترس. وقد سبق البحث في نجاسته، وعدمه مستَوفًى في "الطهارة"، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.