ضربة، كُتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك". وفي رواية: أنه قال: "في أول ضربة سبعين حسنة".
(ومنها): أن من الحيات ما جعله اللَّه تعالى سبباً لإلحاق الضرر بالإنسان بمجرد النظر إليه، وهذا سرّ استأثر اللَّه تعالى بحكمته، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}[الروم: ٤].
(ومنها): النهي عن قتل الحيات التي تكون في البيوت، وقد ورد ورد الأمر بالإنذار، ففي "صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئًا، فحرّجوا عليه ثلاثًا، فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم قتل الحيّات:
اختلفوا في هذه المسألة على أقوال، جمعها الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في كتابه "التمهيد":
(أحدها): قتلهنّ مطلقًا في البيوت، والصحارى بالمدينة، وغيرها على أيّ صفة كنّ، وتمسّك هؤلاء بالعمومات في قتهلنّ، مع الترغيب في ذلك، والتحذير من تركه.
(ثانيها): قتلهنّ إلا ما كان في البيوت بالمدينة خاصّة، دون غيرها، على أيّ صفة كنّ، فلا يُقتلن إلا بعد الإنذار ثلاثًا. وبهذا قال ابن نافع، والمازريّ، والقاضي عياض، وغيرهم. وتمسّك هؤلاء بحديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه - أنه قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئًا، فأذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك، فاقتلوه، فإنما هو شيطان". رواه مسلم في "صحيحه".
وقال ابن عبد البرّ في حديث سهل بن سعد - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئًا، فتعوّذوا منه، فإن عاد، فاقتلوه". وهذا يحتمل أن يكون أشار به إلى بيوت المدينة، وهو الأظهر، ويحتمل أن يكون إلى جنس البيوت.
(ثالثها): استثناء ذوات البيوت، سواء كنّ بالمدينة، أو غيرها، إلا بعد الإنذار، وهو محكيّ عن الإمام مالك -رحمه اللَّه تعالى-، وصاحبه عبد اللَّه بن وهب. وحكي عن مالك أيضًا أنه يقتل ما وجد منها في المساجد، واستدلّ هؤلاء بما في "سنن أبي داود" عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - سئل عن حيّات البيوت؟، فقال: "إذا رأيتم منهنّ شيئًا في مساكنكم، فقولوا: أنشدكنّ العهد الذي أخذه عليكنّ نوح،