للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأقران. (ومنها): أن فيه جابرًا - رضي اللَّه تعالى عنه - من المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنِ) عبد الرحمن بن عبد اللَّه (ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ) الجمحي مولاهم المكيّ، أنه (قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (عَنِ الضَّبُعِ؟) أي عن حكم أكلها. و"الضبع": بفتح الضاد المعجمة، وضم الموحدة، في لغة قيس، وبسكونها في لغة تميم، وهي أنثى، وتختصّ بالأنثى. وقيل: تقع على الذكر والأنثى، وربما قيل في الأنثى: ضَبْعة بالهاء، كما قيل: سَبُعٌ، وسبْعة بالسكون مع الهاء للتخفيف، والذكر ضِبْعان، والجمع ضباعين، مثل سِرْحانٍ وسراحين، ويجمع الضبع بضم الباء على ضِبَاع، وبسكونها على أضبُع. قاله الفيّوميّ.

وقال الدميريّ: ومن عجيب أمرها أنها كالأرنب تكون سنة ذكرًا، وسنة أنثى، فتلقّح في حال الذكورة، وتلد في حال الأنوثة، وهي مولعة بنبش القبور؛ لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنسانًا نائمًا، حفرت تحت رأسه، وأخذت بحلقه فتقتله، وتشرب دمه انتهى.

(فَأمَرَنِي) أي أمرني جابر - رضي اللَّه عنه - أمر إباحة وترخيص (بأَكْلِهَا) فيه أن أكل الضبع حلال، وإليه ذهب الشافعيّ، وأحمد، قال الشافعيّ: ما زالَ الناس يأكلونها، ويبيعونها بين الصفا والمروة، من غير نكير، ولأن العرب تستطيبه، وتمدحه، وهذا الراجح؛ لحديث الباب.

وذهب مالك، وأبو حنيفة إلى تحريمه، واستدلّ لهم بما صحّ من تحريم كلّ ذي ناب من السباع، وبما رواه الترمذيّ من حديث خزيمة بن جزء - رضي اللَّه عنه -، قال: سألت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن أكل الضبع؟ قال: "أو يأكل الضبع أحد؟ … " الحديث.

وأجيب عن الأول بأن حديث جابر خاصّ، وحديث تحريم كل ذي ناب عامّ، فيقدم الخاصّ عليه. وعن الثاني بأنه ضعيف، لا يصلح للاحتجاج به؛ لأن في سنده عبد الكريم بن أبي المخارق، متفق على ضعفه. وسيأتي تمام البحث في ذلك في "كتاب الصيد والذبائح" -٢٧/ ٤٣٢٤ - إن شاء اللَّه تعالى.

(قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِيَ؟) أي أفي قتلها جزاء، فليس مراده أن يعرف كونها من الحيوان المتوحش، فإن هذا أمر لا يخفى على مثله، وإنما المراد أن يعلم حكم قتلها في الإحرام، هل يوجب الجزاء الذي أوجبه تعالى، بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الآية [المائدة: ٩٥].