زاد في رواية أبي داود، وغيره:"ويُجعَلُ فيه كبشٌ إذا صاده المحرم"(قَالَ) جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - (نَعَمْ) أي هي من الصيد الذي أوجب تعالى بقتله الجزاء (قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ) يعني أن جواز أكله، وكونه صيدًا يوجب الجزاء بقتله سمعه جابر - رضي اللَّه عنه - عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
ففي رواية أبي داود من طريق جرير بن حازم، عن عبد اللَّه بن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: سألت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الضبع؟، فقال:"هو صيد، ويُجعَلُ فيه كبشٌ إذا صاده المحرم".
وفي رواية الدارقطنيّ، والحاكم، من طريق إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الضبع صيد، فإذا أصابه المحرم، ففيه كبش مُسِنّ، ويؤكل". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
[تنبيه]: هذا الحديث روي مرفوعًا، وموقوفًا، والمرفوع أصح. قال الحافظ في "التلخيص الحبير": قال الترمذيّ: سألت عنه البخاريّ، فصححه، وكذا صححه عبد الحقّ، وقد أعلّ بالوقف. وقال البيهقيّ: هو حديث جيّد، تقوم به الحجة. ورواه البيهقيّ من طريق الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر - رضي اللَّه عنه -، قال: لا أراه إلا قد رفعه أنه حكم في الضبع بكبش … الحديث. ورواه الشافعيّ، عن مالك، عن أبي الزبير به موقوفًا. وصحح وقفه من هذا الوجه الدارقطنيّ. ورواه الدارقطنيّ، والحاكم من طريق إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر، مرفوعًا، وقد تقدّم لفظه.
وفي الباب عن ابن عباس، رواه الدارقطنيّ، والبيهقيّ، من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عنه، وقد أعلّ بالإرسال. ورواه الشافعيّ من طريق ابن جريج، عن عكرمة مرسلاً، وقال: لا يثبت مثله لو انفرد، ثم أكده بحديث ابن أبي عمار. وقال البيهقيّ: روي موقوفًا عن ابن عباس أيضًا انتهى كلام الحافظ (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن الحديث، وإن روي موقوفًا، لكن رفعه أرجح، فلا يُعَلّ بالوقف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(١) - "التلخيص الحبير" ٢/ ٥٢٩ - ٥٢٣٠. النسخة الجديدة.