للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث مفسّرًا، فإنما ذكروا شاة، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء.

قال الحافظ: يعكر عليه ما أخرجه أبو داود من طريق نافع، عن رجل من الأنصار، عن كعب بن عجرة - رضي اللَّه عنه -: "أنه أصابه أذى، فحلق، فأمره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يهُدي بقرة". وللطبراني من طريق عبد الوهاب بن بُخْت (١)، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "حلق كعب بن عجرة رأسه، فأمره رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يفتدي، فافتدى ببقرة". ولعبد بن حُميد من طريق أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "افتدى كعب من أذى كان برأسه، فحلقه ببقرة، قلّدها، وأشعرها". ولسعيد بن منصور من طريق ابن أبي ليلى، عن نافع، عن سليمان بن يسار: "قيل لابن كعب بن عجرة: ما صنع أبوك حين أصابه الأذى في رأسه؟، قال: ذبح بقرة".

فهذه الطرق كلها تدور على نافع، وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضها ما هو أصحّ منه، من أن الذي أُمِر به كعب، وفَعَلَه في النسك إنما هو شاة.

وروى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد من طريق المقبريّ، عن أبي هريرة: "أن كعب بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه"، وهذا أصوب من الذي قبله.

واعتمد ابن بطال على رواية نافع، عن سليمان بن يسار، فقال: أخذ كعب بأرفع الكفارات، ولم يخالف النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فيما أمره به من ذبح الشاة، بل وافق، وزاد، ففيه أن من أُفتي بأيسر الأشياء، فله أن يأخذ بأرفعها، كما فعل كعب.

قال الحافظ: هو فرع ثبوت الحديث، ولم يثبت؛ لما قدّمته. واللَّه أعلم انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

(أَيَّ ذَلِكَ) منصوب على أنه مفعول مقدم، لقوله (فَعَلْتَ) وهو فعل الشرط، وقوله (أَجْزَأَ عَنْكَ) جواب الشرط.

وهذه الرواية صريحة في التخيير بين الثلاثة، وكذلك رواية أبي داود التي فيها: "إن شئت، وإن شئت"، ووافقتها رواية عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، أخرجها مسدّد في "مسنده"، ومن طريقه الطبرانيّ، لكن رواية عبد اللَّه بن معقل عند البخاريّ أنما هو بين الإطعام والصيامِ لمن لم يجد النسك، ولفظه:، "أتجد شاة؟ "، قال: لا، قال: "فصم، أو أطعم"، ولأبي داود في رواية أخرى" أمعك دم؟ "، قال: لا، قال: "فإن شئت، فصم"، ونحوه للطبراني من طريق عطاء، عن كعب، ووافقهم أبو الزبير، عن مجاهد،


(١) - بضم الباء الموحدة، وسكون الخاء المعجمة.
(٢) - "فتح" ٤/ ٤٨٦.