(عَنِ الحجَّاجِ بْنِ عَمْرو الأنصاريّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَقُولُ:"مَنْ عَرَجَ" بفتح العين المهملة، والراء، مبنيًّا للفاعل، من بابي نصر، وضرب: أي أصابه شيء في رجله، وليس بخلقة، فإذا كان خلقة قيل: عَرِج بالكسر، كفَرِح، قال في "الصحاح": عَرَجَ في الدرجة، والسلّم يَعرُج عُرُوجًا: إذا ارتقى، وعَرَجَ أيضًا: إذا أصابه شيء في رجله، فخَمَعَ (١)، ومشى مشية العرْجَان، وليس بخلقة، فإذا كان ذلك خلقة قلتَ: عَرِج بالكسر، فهو أعرج بَيّنُ العَرَج. وفي "القاموس": عَرَج عُرُوجًا، ومَعْرَجًا: ارتقى، وأصابه شيء في رجله، فخَمَعَ، وليس بخلقة، فإذا كان خلقة، فعَرِج، كفرح، أو يُثلّث في غير الخلقة انتهى (أَوْ كُسِرَ) بضم الكاف، وكسر السين على بناء المجهول. وزاد أبو داود، وابن ماجه في رواية ة "أو مرض". وقال المجد في "المنتقى" وفي رواية ذكرها أحمد في رواية المروزيّ: "من حبس بكسر، أو مرض". يعني من حدث له بعد الإحرام مانع غير إحصار العدوّ (فَقَدْ حَلَّ) أي جاز له أن يتحلّل، ويترك المضيّ على إحرامه، ويرجع إلى وطنه. قاله القاري.
وقال السنديّ: قوله: "من عرج، أو كسر": أي من أحرم، ثم حدث له بعد الإحرام مانع من المضيّ على مقتضى الإحرام غيرُ إحصار العدوّ، بان كان أحد كسرَ رجلَهُ، أو صار أعرج من غير صنيع من أحد، يجوز له أن يترك الإحرام، وإن لم يشترط التحلل، وقيّده بعضهم -يعني الشافعيّة، والحنبلية- بالاشتراط، ومن يرى أنه من باب الإحصار -وهم الحنفية- لعله يقول: معنى "حلّ" كاد أن يحلّ قبل أن يصل إلى نسكه بأن يبعث الهدي مع أحد، ويواعده يومًا بعينه، يذبحها فيه في الحرم، فيتحلّل بعد الذبح انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن من قال بثبوت الإحصار بغير العدوّ، كالكسر والعرج هو الحقّ؛ لحديث الباب.
[فإن قيل]: يدزم من هذا عدم فائدة الاشتراط الوارد في حديث ضباعة - رضي اللَّه تعالى عنها -، حيث أمرها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن تشترط في إحرامها إذا منعها مانع تتحلل عنده؛ لأنه إذا كان نفس المانع من المرض ونحوه يتحلل به المحرم لم يكن للاشتراط فائدة.
[أُجيب]: بأن فائدة الاشتراط عدم وجوب دم الإحصار به، فلو حصل له الإحصار، وقد اشترط، جاز له التحلّل، ولا دم عليه، وإن لم يشترط وجب عليه الدم، وهذا وجه
(١) - خَمَعَت الضَّبُعُ تخْمَعُ خَمْعًا، وخُمُعًا، وخُمَاعًا: عَرَجَت، وكذلك كلّ ذي عَرَج. انتهى "اللسان".