للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خَلُّوا) فعل أمر من التخلية، أي تنحّوا، وابتعدوا (بَنِي الْكُفَّارِ) منادى بحذف حرف النداء، أي يا بني الكفّار، أو منصوب على الاختصاص، أي أخصّ بني الكفّار (عَنْ سَبيلِهِ) متعلق بـ "خلّوا"، والضمير المجرور للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (الْيَوْمَ) منصوب على الظرفية، متعَلّق بقوله (نضْرِبْكُمْ) بسكون الباء، للوزن، قال ابن الأثير في "النهاية": سكون الباء من "نضربكم" من جائزات الشعر، وموضعها الرفع. قال السنديّ: نبّه على ذلك لئلا يُتوهّم أن جزمه لكونه جواب الأمر، فإن جعله جوابًا فاسدٌ معنىً. ولعل المراد نضربكم إن نقضتم العهد، وصددتموه عن الدخول، وإلا فلا يصحّ ضربهم لمكان العهد انتهى (١) (عَلَى تَنْزِيلِهِ) أي لأجل تنزيل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بمكة، أي نضربكم حتى نُنزله بمكة. وقيل: المراد تنزيل القرآن، أي نضربكم لأجل نزوله بضربكم إن لم تستجيبوا له. وفي الرواية الآتية -١٢١/ ٢٨٩٤ - : "على تأويله" بدل "تنزيله"، أي نضربكم حتى تذعنوا إلى تأويله، أو نضربكم على تأويل ما فهمنا منه، حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه (ضَرْبًا) مفعول مطلق لنضربكم (يُزِيلُ الْهَامَ) بتخفيف الميم. قال في "النهاية": الهام جمع هامة، وهي أعلى الرأس (عَنْ مَقِيلِهِ) بفتح الميم: أي موضعه، مستعار من موضع القائلة، أي النوم نصف النهار (وَيُذْهِلُ) بضم أوله، من الإذهال، أي يجعله ذاهلاً يقال: ذَهلَ عن الشيء يَذْهَلُ من باب تعب ذُهُولاً: غَفَلَ، وقد يتعدى بنفسه، فيقال: ذَهَلَته من باب دخل، والأكثرُ أن يتعدى بالألف، فيقال: أذهلني فلان عن الشيء، وقال الزمخشري: ذَهَلَ عن الأمر: تناساه عَمْدًا، وشُغِلَ عنه. أفاده في "المصباح" (الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ) أي الصَّدِيق عن صديقه (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي اللَّه تعالى عنه - (يَا ابْنَ رَوَاحَة، بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَفِي حَرَمِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، تَقُولُ الشَّعْرَ؟) كأن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنه رأى أن الشعر منكر، فلا ينبغي أن يقال بين يدي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في حرمه تعالى، ولم يلتفت إلى تقرير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لاحتمال أن يكون قلبه مشتغلاً بما منعه عن الالتفات إلى الشعر (قَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: خَلِّ عَنْهُ) أي تخلّ عن ابن رواحة، واتركه يقول فيهمُ الشعر (فَلَهُوَ) أي شعره. وفي "الكبرى": "فهي"، أي كلماته (أَسْرَعُ فِيهِمْ) أي في التأثير في قلوبهم (مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ) - بنون، وضاد معجمة، وحاء مهملة- يقال: نضح فلانًا بالنبل، من باب نفع: إذا رماه به. و"النبل": السهام العربيّة، وهي مؤنثة، ولا واحد لها من لفظها، بل الواحد سهم، فهي مفردة اللفظ، مجموعة المعنى. قاله الفيّوميّ.

يعني أن الشعر أسرع تأثيرًا، وأقوى إقناعًا للمشركين من رميهم بالسهام، فهو أولى ما يواجهون به في مثل هذه الساعة، وفي هذا الحرم المحترم.


(١) - "شرح السنديّ" ٥/ ٢٠٢.