للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما فهمته منه، فإن ذلك الترخص كان بسبب الفتح، وليس بسبب قتل من استحقّ القتل خارج الحرم، ثم استجار بالحرم، والذي أنا فيه من القبيل الثاني.

قال الحافظ: لكنها دعوى من عمرو بغير دليل؛ لأن ابن الزبير لم يجب عليه حدّ، فعاذ بالحرم فرارًا منه حتى يصحّ جواب عمرو. نعم كان عمرو يرى وجوب طاعة يزيد الذي استنابه، وكان يزيد أمر ابن الزبير أن يبايع له بالخلافة، ويحضر إليه في جامعة، يعني مغلولاً، فامتنع ابن الزبير، وعاذ بالحرم، فكان يقال له بذلك: عائذ اللَّه، وكان عمرو يعتقد أنه عاص بامتناعه من امتثاله أمر يزيد، ولهذا صدر كلامه بقوله: "إن الحرم لا يعيذ عاصيًا"، ثم ذكر بقية ما ذكر استطرادًا، فهذه شبهة عمرو، وهي واهية. قاله في "الفتح" (١).

وقال في موضع آخر: وقد تشدّق عمرو في الجواب، وأتى بكلام ظاهره حقٌ، لكن أراد به الباطل، فإن الصحابيّ أنكر عليه نصب الحرب على مكة، فأجابه بأنها لا تمنع من إقامة القصاص، وهو صحيح، إلا أن ابن الزبير لم يرتكب أمرًا يجب عليه فيه شيء من ذلك (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي شريح - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١١١/ ٢٨٧٧ - وفي "الكبرى" ١١١/ ٣٨٥٩. وأخرجه (خ) في "العلم" ١٠٤ و "الحج" ١٨٣٢ و"المغازي" ٤٢٩٥ (م) في "الحج" ١٣٥٤ (ت) في "الحج" ٤٠٩ و"الديات" ١٤٠٦ (أحمد) في "مسند المدنيين" ١٥٩٣٨ و ١٥٩٤٢ و"مسند القبائل" ٢٦٦١٩. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تحريم القتال في الحرم.

(ومنها): بيان شرف مكة حرسها اللَّه تعالى. (ومنها): استحباب تقديم الحمد والثناء على اللَّه تعالى قبل الدخول في الكلام المقصود. (ومنها): أن التحليل والتحريم من عند اللَّه تعالى، لا مدخل للبشر فيه، وأن ذلك لا يعرف إلا منه سبحانه، وأن وظيفة


(١) - "فتح" ٤/ ٥١٩ - ٥٢٠.
(٢) - "فتح" ١/ ٢٦٩. "كتاب العلم".