للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سبق كلّ منا صاحبه إلى قتلها، وفيه أن الحيات غير ذوات البيوت تقتل، ولو في الحرم (فَدَخَلَتْ في جُحْرِهَا) أي فسبقتنا، ودخلت في جحرها. و"الجحر" بضم الجيم، وسكون الحاء المهملة: كلّ شيء يحتفره الهوامّ، والسباع لأنفسها، كالْجُحْران، جمعه جِحَرة، بكسر، ففتح، وأَجْحارٌ. أفاده في "القاموس". وبعض أهل اللغة جعل الْجُحْر للضبّ خاصّة، واستعماله لغيره كالتجوّز. قاله المرتضى.

وفي رواية إسرائيل المذكورة زيادة: "وُقيت شرّكم، كما وُقيتم شرّها". أي إن اللَّه تعالى سلّمها من شركم، وهو قتلكم إياها، كما سلمكم من إيذائها إياكم بسمها، فهو من مجاز المقابلة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.

[تنبيه]: وقع اختلاف في إسناد هذا الحديث، فقد رواه حفص بن غياث، عن الأعمش، عن إبراهيم، والأسود، عن عبد اللَّه، كما هو عند المصنّف هنا، وتابعه جرير، وأبو معاوية، وسليمان بن قرم، عن الأعمش. ورواه إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه. ورواه ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد اللَّه. ورواه المسعوديّ، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه. ورواه عبد اللَّه بن إدريس، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن زِرّ بن حُبيش، عن عبد اللَّه. وكذلك رواه جرير في موضع آخر عن الأعمش. واختلف فيه على حفص بن غياث، فقال سهل بن عثمان، عنه كما تقدّم. وقال إسماعيل بن حفص الأبليّ، عنه كما قال إسرائيل. وقال عبد الصمد بن عبد الوارث، عنه كما قال المسعوديّ. أفاده الحافظ المزّيّ في "تحفة الأشراف" (١).

ورواه المصنف هنا أيضًا، من طريق أبي عبيدة، عن أبيه، وهي الرواية التالية.

والحاصل أن الحديث اختلف في إسناده، ولكن مثل هذا الاختلاف لا يعدّ اضطرابًا يضرّ بصحّة الحديث؛ لأن الاضطراب إنما يضرّ عند عدم الترجيح، وما هنا ليس كذلك، ولذا أخرجه الشيخان في "صحيحيهما". واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:


(١) - "تحفة الأشراف" ٧/ ٦ - ٧.