٧ - (أبوه) عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - ٣٥/ ٣٩. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سباعيّات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير أبي عبيدة، فإنه من رجال الأربعة، وهو لم يسمع من أبيه، ففيه انقطاع. (ومنها): أن فيه ثلاثةً من التابعين يروي بعضهم عن بعض: أبو الزبير، عن مجاهد، عن أبي عبيدة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ) -رحمه اللَّه تعالى- (عَنْ أَبِيهِ) عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لَيْلَةَ عَرَفَةَ، الَّتِي قَبْلَ يَومِ عَرَفَةَ) إنما ذكر هذا القيد -مع أن المعروف أن ليالي المشهور القمرية متابعة لما بعدها من النهار، حيث إن الحساب قمريّ، وهو يظهر بالليل-؛ لأن ليلة عرفة، وليالي أيام التشريق متابعة لما قبلها من النهار؛ حتى يمكن استدراك ما فات من أعمال النهار في الليل، فمثلاً إذا فاته الوقوف بعرفة نهارًا، استدركه ليلاً، فدفعًا للتوهم زاد قوله:"التي قبل يوم عرفة". واللَّه تعالى أعلم (فَإِذَا حِسُّ الحيَّةِ)"إذا" هنا فجائيّة، أي ففاجأنا سماع حسّ حيّة. و"الحسّ" بالكسر، والحسيس بالفتح: الصوت الخفيّ.
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اقْتُلُوهَا"، فَدَخَلَتْ شَقَّ جُحْرٍ" قال الفيّوميّ: "والشقّ" بالفتح: انفراجٌ في الشيء، وهو مصدرٌ في الأصل، والجمع شُقُوق، مثل فلس وفُلُوس انتهى. فتكون إضافته إلى "جحر" بمعنى اللام (فَأَدْخَلْنَا عُودًا) بضم العين أي خشبًا، والجمع أعواد، وعِيدان (فَقَلَعْنَا بَعْضَ الْجُحْرِ) أي نزعنا بعض ذلك الجُحْرِ (فَأخَذْنَا سَعَفَةً) بفتحتين واحدة السعف بفتحتين أيضًا، مثلُ قَصَبَة وقَصَبٍ: وهي أغصان النخل ما دامت بالْخُوص، فإن زال الْخُوص عنها قيل: جريد. قالهَ الفيّوميّ (فَأَضْرَمنَا فِيهَا نَارًا) أي أوقدنا فيها نارًا، وأرادوا بذلك قتلها (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وَقَاهَا اللَهُ شَرَّكُم، وَوَقَاكُمْ شَرَّهَا") فيه إخبار منه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنها سلمت مما فعلوا بها، من إضرام النار، وغيره. وتسمية ما فعلوه شرًّا، بالنسبة إليها، أو للمشاكلة، كما في قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} الآية [الشورى: ٤٠]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
والحديث فيه انقطاع؛ لأن الأصحّ أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكنه صحيحٌ بما قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.