للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية من طريق خالد بن الحارث، عن ابن جريج: "مرّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - برجل يقود رجلاً في قَرَن". و"القَرَنُ" بفتحتين: هو الحبل (فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ) إنما منعه عن ذلك، وأمره أن يقوده باليد؛ لأنه إنما يُفعل بالبهائم، وهو مُثْلة، والترجمة تؤخذ من الأمر؛ لكونه كلامًا.

وقال النوويّ: وقطعه - صلى اللَّه عليه وسلم - السير محمول على أنه لم يمكن إزالة هذا المنكر إلا بقطعه، أو أنه دلّ على صاحبه، فتصرّف فيه. وقال غيره: كان أهل الجاهلية يتقرّبون إلى اللَّه تعالى بمثل هذا الفعل. قال الحافظ: وهو بين من سياق حديثي عمرو بن شُعيب، وخليفة بن بِشْرٍ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٣٦ وفي "الأيمان والنذور" ٣٠/ ٣٨١١ و٣٨١٢ - وفي "الكبرى" في "الأيمان والنذور" ٧/ ٤٧٥٢ و٤٧٥٣ (خ) في "الحج" ١٦٢٠و ٢٦٢١ و"الأيمان والنذور" ٦٧٠٢و ٦٧٠٣ (د) في "الأيمان والنذور" ٣٣٠٢ (أحمد) في "مسند بني هاشم"٣٤٣٢. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو إباحة الكلام في الطواف، ووجه الاستدلال بالحديث أن قوله: "ثم أمره إلخ " يدلّ على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - تكلم بذلك؛ لأن حقيقة الأمر إنما يكون بالكلام، فيدل على أنه يباح، للطائف أن يتكلم في الأمور الواجبة، والمستحبّة، والمباحة، قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أولى ما شَغَلَ المرءُ نفسه في الطواف ذكرُ اللَّه تعالى، وقراءة القرآن، ولا يحرم الكلام المباح، إلا أن الذكر أسلم. وحكى ابن التين خلافًا في كراهة الكلام المباح. وعن مالك تقييد الكراهة بالطواف الواجب. قال ابن المنذر: واختلفوا في القراءة، فكان ابن المبارك يقول: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن، وفعله مجاهد. واستحبّه الشافعيّ، وأبو ثور، وقيّده الكوفيون بالسرّ. وروي عن عروة، والحسن كراهته. وعن عطاء، ومالك أنه مُحدث. وعن مالك لا بأس به إذا أخفاه، ولم يكثر منه. قال ابن المنذر: من أباح القراءة في البوادي، والطرق، ومنعه في الطواف لا حجة له.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- هو الحق.